الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ} (65)

وقد تقدَّم الخلافُ في قولِه تعالى : { فَأَسْرِ } : قطعاً ووصلاً في هود . وقرأ اليمانيُّ فيما نقل ابن عطية وصاحب " اللوامح " " فَسِرْ " من السَّيْر . وقرأت فرقةٌ " بقِطَع " بفتح الطاء . وقد تَقَدَّم في يونس : أن الكسائيَّ وابنَ كثير قرآه بالسكون في قوله " قطعاً " ، والباقون بالفتح .

قوله : { حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } " حيث " على بابِها مِنْ كونِها ظرفَ مكانٍ مبهمٍ ، ولإِبهامها تعدَّى إليها الفعلُ من غير واسطة على أنه قد جاء في الشعر تَعَدِّيْه إليها ب " في " كقولِه :

فَأصْبَحَ في حيثُ التقَيْنا شريدُهُمْ *** طَليقٌ ومكتوفُ اليدين ومُزْعِفُ

وزعم بعضُهم أنها هنا ظرفُ زمانٍ ، مستدلاًّ بقولِه " بقِطْعٍ من الليل " ، ثم قال : { وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } ، أي : في ذلك الزمان . وهو ضعيفٌ ، ولو كان كما قال لكان التركيبُ : حيث أُمِرْتم ، على أنه لو جاء التركيب كذا لم يكن فيه دلالةٌ .