التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعٖ مِّنَ ٱلَّيۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَٰرَهُمۡ وَلَا يَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدٞ وَٱمۡضُواْ حَيۡثُ تُؤۡمَرُونَ} (65)

{ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ( 57 ) قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ ( 58 ) إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ( 59 ) إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ ( 60 ) فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ( 61 ) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ( 1 ) ( 62 ) قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ ( 2 )( 63 ) وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ( 64 ) فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ( 65 ) ) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ ( 3 ) ( 66 ) وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ( 4 ) ( 67 ) قَالَ إِنَّ هَؤُلاء ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ ( 68 ) وَاتَّقُوا اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ ( 69 ) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ ( 70 ) قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ( 71 ) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ( 72 ) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ( 5 ) ( 73 ) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ ( 74 ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ ( 6 ) ( 75 ) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ ( 7 )( 76 ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤمِنِينَ ( 77 ) } [ 57 – 77 ] .

هذه حلقة ثانية من سلسلة القصص ، وقد احتوت قصة لوط وقومه ومهد لها بالمحاورة في صدد قوم لوط بين إبراهيم ورسل الله . ومعاني الآيات واضحة ومعظم ما جاء هنا قد جاء في سورة هود أيضا مع بعض الخلاف الأسلوبي الذي اقتضته حكمة التنزيل وقد علقنا على القصة في سياق تفسير سورة هود بما يغني عن التكرار .

والجديد فيها الإشارة إلى أن قوم لوط كانوا يمارون في عذاب الله الذي توعدهم به ، وأن بلادهم هي على طريق معروف ففي النقطة الأولى إنذار للكفار العرب الذين كانوا يمارون مثلهم فيما كانوا يوعدون من عذاب الله ويستهزئون به . وفي الثانية تذكير لهؤلاء ببلاد قوم لوط التي هي في طريق قوافلهم والتي يشاهدون آثار تدمير الله فيها . ففي كل ذلك موعظة لمن يفكر ويتفرس في الأمور ، وآية للمؤمنين . ولقد جاء هذا التذكير في آيات سورة الصافات [ 133 – 138 ] بأسلوب أكثر صراحة .

ولقد أورد الطبري وابن كثير في سياق الآية [ 75 ] أحاديث نبوية منها حديث رواه الترمذي أيضا عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء فيه : ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم قرأ : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ } {[1232]} وأوردوا حديثا آخر أخرجه الحافظ أبو بكر البزار عن أنس قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم ) .

ورواة الأحاديث من أهل العهد المدني فتكون قد صدرت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا العهد . وفيها استيحاء نبوي من الآية فيه تنويه بما يكون للإيمان من أثر في صاحبه حتى ليجعله ذا نفوذ وصدق ونظر وقول وحكم .


[1232]:التاج جـ 4 ص 137 و 138 وفي صيغة الطبري زيادة (وينطق بتوفيق الله)