معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

{ أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين . وغدوا على حرد } الحرد في اللغة يكون بمعنى القصد والمنع والغضب ، قال الحسن ، وقتادة ، وأبو العالية : على جد وجهد . وقال القرظي ، ومجاهد ، وعكرمة ، على أمر مجتمع عليه قد أسسوه بينهم . وهذا على معنى القصد لأن القاصد إلى الشيء جاد مجمع على الأمر . وقال أبو عبيدة والقتيبي : غدوا وبيتهم على منع المساكين ، يقال : حاردت السنة ، إذا لم يكن لها مطر ، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن . وقال الشعبي وسفيان : على حنق وغضب من المساكين . وعن ابن عباس قال : على قدرة ، { قادرين } عند أنفسهم على جنتهم وثمارها ، لا يحول بينها وبينهم أحد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

{ وَغَدَوْا } في هذه الحالة الشنيعة ، والقسوة ، وعدم الرحمة { عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ } أي : على إمساك ومنع لحق الله ، جازمين بقدرتهم عليها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

وجملة : { وَغَدَوْاْ على حَرْدٍ قَادِرِينَ } حالية . والحرد : القصد . يقال : فلان حرد فلان - من باب ضرب - أى : قَصَد قَصْدَه .

قال الإِمام الشوكانى : الحرد يكون بمعنى المنع والقصد . . لأن القاصد إلى الشئ حارد . يقال : حرد يحرد إذا قصد . . وقال أبو عبيدة : { على حَرْدٍ } أى : على منع ، من قولهم : حردت الإبل حردا ، إذا قلت ألبانها . والحرود من الإِبل : القليلة اللبن . . وقال السدى : { على حَرْدٍ } : أى : على غضب . . وقال الحسن : على حرد ، أى : على حاجة وفاقة . وقيل : { على حَرْدٍ } أى : على انفراد . يقال : حرد يحرد حردا ، إذا تنحى عن قومه ، ونزل منفردا عنهم دون أن يخالطهم .

أى : أن أصحاب الجنة ساروا إليها غدوة ، على أمر قد قصدوه وبيتوه . . موقنين أنهم قادرون على تنفيذه ، لأنهم قد اتخذوا له جميع وسائله ، من الكتمان والتبكير والبعد عن أعين المساكين .

أو : ساروا إليها فى الصباح المبكر ، وهم ليس معهم أحد من المساكين أو من غيرهم ، وهم فى الوقت نفسه يعتبرون أنفسهم قادرين على قطع ثمارها ، دون أن يشاركهم أحد فى تلك الثمار .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

قال الله تعالى : { وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ } أي : قوة وشدة . وقال مجاهد : { وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ } أي : جد وقال عكرمة : غيظ . وقال الشعبي : { عَلَى حَرْدٍ } على المساكين . وقال السدي : { عَلَى حَرْدٍ } أي : كان اسم قريتهم حرد . فأبعد السدي في قوله هذا !

{ قَادِرِينَ } أي : عليها فيما يزعمون ويَرومون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

يقول تعالى ذكره : فتنادى هؤلاء القوم وهم أصحاب الجنة . يقول : نادى بعضهم بعضا مصبحين يقول : بعد أن أصبحوا أن اغْدُوا على حَرْثِكُمْ وذلك الزرع إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ يقول : إن كنتم حاصدي زرعكم فانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ يقول : فمضَوا إلى حرثهم وهم يتسارّون بينهم أنْ لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ علَيْكُمْ مِسْكِين يقول : وهم يتسارّون يقول بعضهم لبعض : لا يدخلنّ جنتكم اليوم عليكم مسكين ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أن اغْدُوا على حَرْثِكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ يقول : يُسِرّون أن لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال : لما مات أبوهم غدوا عليها ، فقالوا : لا يَدْخُلَنّها اليَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ .

واختلف أهل التأويل في معنى الحرْد في هذا الموضع ، فقال بعضهم : معناه : على قُدْرة في أنفسهم وجدّ . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ عن ابن عباس ، قوله : وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : ذوي قدرة .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج عمن حدثه ، عن مجاهد في قول الله : على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على جدّ قادرين في أنفسهم .

قال : ثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على جهد ، أو قال على جِدّ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ غدا القوم وهي مُحْردون إلى جنتهم ، قادرون عليها في أنفسهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على جِدّ من أمرهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : على حَرْدٍ قادِرِينَ على جِدّ قادرين في أنفسهم .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وغدوا على أمرهم قد أجمعوا عليه بينهم ، واستسرّوه ، وأسرّوه في أنفسهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن مجاهد وَغَدَوا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : كان حرث لأبيهم ، وكانوا إخوة ، فقالوا : لا نطعم مسكينا منه حتى نعلم ما يخرج منه وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ على أمر قد أسسوه بينهم .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله على حَرْدٍ قال : على أمر مجمع .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرِمة وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على أمر مُجْمَع .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وغدوا على فاقة وحاجة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، قال : قال الحسن ، في قوله : وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادِرِينَ قال : على فاقة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : على حنق . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادرينَ قال : على حنق ، وكأن سفيان ذهب في تأويله هذا إلى مثل قول الأشهب بن رُميلة :

أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خفِيّةٍتَساقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأساوِدِ

يعني : على غضب . وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يتأوّل ذلك : وغدوا على منع . ويوجهه إلى أنه مِن قولهم : حاردَتِ السنة إذا لم يكن فيها مطر ، وحاردت الناقة إذا لم يكن لها لبن ، كما قال الشاعر :

شع فإذا ما حارَدَتْ أوْ بَكأَتْ

فُتّ عَنْ حاجِب أُخْرَى طِينُها

وهذا قول لا نعلم له قائلاً من متقدّمي العلم قاله وإن كان له وجه ، فإذا كان ذلك كذلك ، وكان غير جائز عندنا أن يتعدّى ما أجمعت عليه الحجة ، فما صحّ من الأقوال في ذلك إلا أحد الأقوال التي ذكرناها عن أهل العلم . وإذا كان ذلك كذلك ، وكان المعروف من معنى الحرد في كلام العرب القصد من قولهم : قد حرد فلان حَرْد فلان : إذا قصد قصده ومنه قول الراجز :

وجاءَ سَيْلٌ كانَ مِنْ أمْرِ اللّهْيَحْرُدُ حَرْدَ الجَنّةِ المُغِلّهْ

يعني : يقصد قصدها ، صحّ أن الذي هو أولى بتأويل الاَية قول من قال : معنى قوله وَغَدَوْا على حَرْدٍ قادرِينَ وَغدوا على أمر قد قصدوه واعتمدوه ، واستسرّوه بينهم ، قادرين عليه في أنفسهم .