فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

{ وَغَدَوْاْ على حَرْدٍ قادرين } الحرد يكون بمعنى المنع والقصد . قال قتادة ومقاتل والكلبي والحسن ومجاهد : الحرد هنا بمعنى القصد ، لأن القاصد إلى الشيء حارد . يقال : حرد يحرد إذا قصد ، تقول : حردت حردك : أي قصدت قصدك ، ومنه قول الراجز :

أقبل سيل جاء من عند الله *** يحرد حرد الجنة المحلة

وقال أبو عبيدة والمبرد والقتيبي : على حرد على منع ، من قولهم : حردت الإبل حرداً : إذا قلت ألبانها ، والحرود من النوق هي القليلة اللبن . وقال السديّ وسفيان والشعبي { على حَرْدٍ } : على غضب ، ومنه قول الشاعر :

إذا جياد الخيل جاءت تردى *** مملوءة من غضب وحرد

وقول الآخر :

تساقوا على حرد دماء الأساود *** …

ومنه قيل : أسد حارد . وروي عن قتادة ومجاهد أيضاً أنهما قالا : على حرد : أي على حسد . وقال الحسن أيضاً : على حاجة وفاقة . وقيل : على حرد : على انفراد ، يقال : حرد يحرد حرداً أو حروداً : إذا تنحى عن قومه ونزل منفرداً عنهم ولم يخالطهم ، وبه قال الأصمعي وغيره . وقال الأزهري : حرد اسم قريتهم ، وقال السديّ : اسم جنتهم . قرأ الجمهور : { حرد } بسكون الراء . وقرأ أبو العالية وابن السميفع بفتحها ، وانتصاب { قادرين } على الحال . قال الفراء : ومعنى { قادرين } : قد قدروا أمرهم وبنوا عليه ، وقال قتادة : قادرين على جنتهم عند أنفسهم . وقال الشعبي : يعني قادرين على المساكين .

/خ33