البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

الحرد : المنع ، من قولهم : حاردت الإبل إذا قلت ألبانها ، وحاردت السنة : قلّ مطرها وخيرها ، قاله أبو عبيد والقتبي ،

والحرد : الغضب . قال أبو نضر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي : وهو مخفف ، وأنشد :

إذا جياد الخيل جاءت تردي *** مملوءة من غضب وحرد

وقال الأشهب بن رميلة :

أسود شرى لاقت أسود خفية *** تساقوا على حرد دماء الأساود

وقال ابن السكيت : وقد يحرك ، تقول : حرد بالكسر حرداً فهو حردان ، ومنه قيل : أسد حارد ، وليوث حوارد ، والحرد : الانفراد ، حرد يحرد حروداً : تنحى عن قومه ونزل منفرداً ولم يخالطهم ، وكوكب حرود : معتزل عن الكواكب . وقال الأصمعي : المنحرد : المنفرد في لغة هذيل . انتهى .

والحرد : القصد ، حرد يحرد بالكسر : قصد ، ومنه حردت حردك : أي قصدت قصدك . ومنه قول الشاعر :

وجاء سيل كان من أمر الله *** يحرد حرد الجنة المغله

{ وغدوا على حرد قادرين } : أي على قصد وقدوة في أنفسهم ، يظنون أنهم تمكنوا من مرادهم .

قال معناه ابن عباس ، أي قاصدين إلى جنتهم بسرعة ، قادرين عند أنفسهم على صرامها .

قال أبو عبيدة والقتبي : { على حرد } : على منع ، أي قادرين في أنفسهم على منع المساكين من خيرها ، فجزاهم الله بأن منعهم خيراً .

وقال الحسن : { على حرد } ، أي حاجة وفاقة .

وقال السدي وسفيان : { على حرد } : على غضب ، أي لم يقدروا إلا على حنق وغضب بعضهم على بعض .

وقيل : { على حرد } : على انفراد ، أي انفردوا دون المساكين .

وقال الأزهري : حرد اسم قريتهم .

وقال السدي : اسم جنتهم ، أي غدوا على تلك الجنة قادرين على صرامها عند أنفسهم ، أو مقدرين أن يتم لهم مرادهم من الصرام .

قيل : ويحتمل أن يكون من التقدير بمعنى التضييق لقوله تعالى : { ومن قدر عليه رزقه } أي مضيقين على المساكين ، إذ حرموهم ما كان أبوهم ينيلهم منها .