الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَغَدَوۡاْ عَلَىٰ حَرۡدٖ قَٰدِرِينَ} (25)

الحرد : من حردت السنة إذا منعت خيرها ؛ وحردت الإبل إذا منعت درّها . والمعنىّ : وغدوا قادرين على نكد ، لا غير عاجزين عن النفع ، يعني أنهم عزموا أن يتنكدوا على المساكين ويحرموهم وهم قادرون على نفعهم ، فغدوا بحال فقر وذهاب مال لا يقدرون فيها إلا على النكد والحرمان ، وذلك أنهم طلبوا حرمان المساكين فتعجلوا الحرمان والمسكنة . أو وغدوا على محاردة جنتهم وذهاب خيرها قادرين ، بدل كونهم قادرين على إصابة خيرها ومنافعها ، أي : غدوا حاصلين على الحرمان مكان الانتفاع ، أو لما قالوا اغدوا على حرثكم وقد خبثت نيتهم : عاقبهم الله بأن حاردت جنتهم وحرموا خيرها ، فلم يغدوا على حرث وإنما غدوا على حرد . و { قادرين } من عكس الكلام للتهكم ، أي : قادرين على ما عزموا عليه من الصرام وحرمان المساكين ، وعلى حرد ليس بصلة قادرين ، وقيل : الحرد بمعنى الحرد . وقرىء : «على حرد » ، أي لم يقدروا إلا على حنق وغضب بعضهم على بعض ، كقوله تعالى : { يتلاومون } [ القلم : 30 ] وقيل : الحرد القصد والسرعة ؛ يقال : حردت حردك . وقال :

أقْبَلَ سَيْلٌ جَاءَ مِنْ أمرِ اللَّهْ *** يَحْرُدُ حَرْدَ الْجَنَّةِ اْلمُغْلَّةْ

وقطا حراد : سراع ، يعني : وغدوا قاصدين إلى جنتهم بسرعة ونشاط ، قادرين عند أنفسهم ، يقولون : نحن نقدر على صرامها وزيّ منفعتها عن المساكين . وقيل : { حَرْدٍ } علم للجنة ، أي غدواً على تلك الجنة قادرين على صرامها عند أنفسهم . أو مقدرين أن يتم لهم مرادهم من الصرام والحرمان .