معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

قوله تعالى : { تؤتي أكلها } ، تعطي ثمرها ، { كل حين بإذن ربها } والحين في اللغة هو الوقت . وقد اختلفوا في معناه هاهنا فقال مجاهد وعكرمة : الحين هاهنا : سنة كاملة ، لأن النخلة تثمر كل سنة . وقال سعيد بن جبير وقتادة والحسن : ستة أشهر من وقت إطلاعها إلى صرامها . وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما . وقيل : أربعة أشهر من حين ظهورها إلى إدراكها . وقال سعيد بن المسيب : شهران من حين تؤكل إلى حين الصرام . وقال الربيع بن أنس : كل حين : أي : كل غدوة وعشية ، لأن ثمر النخل يؤكل أبدا ليلا ونهارا ، صيفا وشتاء ، إما تمرا أو رطبا أو بسرا ، كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار وآخره وبركة إيمانها لا تنقطع أبدا ، بل تصل إليه في كل وقت . والحكمة في تمثيل الإيمان بالشجرة : هي أن الشجرة لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء : عرق راسخ ، وأصل قائم ، وفرع عال ، كذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء : تصديق بالقلب ، وقول باللسان ، وعمل بالأبدان .

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أنبأنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أنبأنا أحمد بن علي الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل ابن جعفر ، حدثنا عبد الله ابن دينار أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي ؟ قال عبد الله : فوقع الناس في شجر البوادي ، ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت ، ثم قالوا : حدثنا ما هي يا رسول الله ؟ قال : هي النخلة . قال عبد الله : فذكرت ذلك لعمر ، فقال : لأن تكون قلت هي النخلة كان أحب إلي من كذا وكذا " . وقيل الحكمة في تشبيهها بالنخلة من بين سائر الأشجار : أن النخلة شبه الأشجار بالإنسان من حيث إنها إذا قطع رأسها يبست ، وسائر الأشجار تتشعب من جوانبها بعد قطع رؤوسها ولأنها تشبه الإنسان في أنها لا تحمل إلا بالتلقيح ولأنها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أكرموا عمتكم قيل : ومن عمتنا ؟ قال : النخلة " { ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

{ تُؤْتِي أُكُلَهَا } أي : ثمرتها { كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } فكذلك شجرة الإيمان ، أصلها ثابت في قلب المؤمن ، علما واعتقادا . وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية ، والآداب الحسنة في السماء دائما يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال التي تخرجها شجرة الإيمان ما ينتفع به المؤمن وينفع غيره ، { وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ما أمرهم به ونهاهم عنه ، فإن في ضرب الأمثال تقريبا للمعاني المعقولة من الأمثال المحسوسة ، ويتبين المعنى الذي أراده الله غاية البيان ، ويتضح غاية الوضوح ، وهذا من رحمته وحسن تعليمه . فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه ، فهذه صفة كلمة التوحيد وثباتها ، في قلب المؤمن .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

والمراد بالأكل فى قوله - تعالى - { تؤتي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا . . } المأكول ، وهو الثمر الناتج عنها .

والمراد بالحين : الوقت الذى حدده الله - تعالى - للانتفاع بثمارها من غير تعيين بزمن معين من صباح أو مساء .

قال الشوكانى ما ملخصه : " قوله { تؤتي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } كل وقت { بِإِذْنِ رَبِّهَا } بإرادته ومشيئته " .

وقيل : المراد بكونها تؤتى أكلها كل حين : أى كل ساعة من الساعات من ليل أو نهار فى جميع الأوقات من غير فرق بين شتاء وصيف . وقيل المراد فى أوقات مختلفة من غير تعيين .

وقيل : كل غدوة وعشية ، وقيل : كل شهر . . .

وهذه الأقوال متقاربة . لأن الحين عند جمهور أهل اللغة بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره .

وبهذا نرى أن الله - تعالى - قد وصف هذه الشجرة بأربع صفات ، أولها : أنها طيبة ، وثانيها : أن أصلها ثابت ، وثالثها : أن فرعها فى السماء ، ورابعها : أنها تؤتى ثمارها كل حين بإذن ربها .

وهذه الأوصاف تدل على فخامة شأنها ، وجمال منظرها ، وطيب ثمرها ، ودوان نفعها كما تدل على أن المشبه وهو الكلمة الطيبة ، مطابق فى هذه الأوصاف للمشبه به وهو الشجرة الطيبة .

وقوله - سبحانه - { وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } بيان للحكمة التى من أجلها سيقت الأمثال ، وهى التذكر والتفكير والاعتبار . أى : ويضرب الله - تعالى - الأمثال للناس رجاء أن يعتبروا ويتعظوا ويتذكروا ما أمرهم - سبحانه - بتذكره إذ ضرب الأمثال تقريب للبعيد ، وتقرير للقريب ، وتصوير للمعانى المعقولة بالصور المحسوسة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )

وشجرة النبوة هنا وظل إبراهيم أبي الأنبياء عليها واضح ، وهي تؤتي أكلها كل فترة ، أكلا جنيا طيبا . . نبيا من الأنبياء . . يثمر إيمانا وخيرا وحيوية . .

ولكن المثل - بعد تناسقه مع جو السورة وجو القصة - أبعد من هذا آفاقا ، وأعرض مساحة ، وأعمق حقيقة .

إن الكلمة الطيبة - كلمة الحق - لكالشجرة الطيبة . ثابتة سامقة مثمرة . . ثابتة لا تزعزعها الأعاصير ، ولا تعصف بها رياح الباطل ؛ ولا تقوى عليها معاول الطغيان - وإن خيل للبعض أنها معرضة للخطر الماحق في بعض الأحيان - سامقة متعالية ، تطل على الشر والظلم والطغيان من عل - وإن خيل إلى البعض أحيانا أن الشر يزحمها في الفضاء - مثمرة لا ينقطع ثمرها ، لأن بذورها تنبت في النفوس المتكاثرة آنا بعد آن . .

/خ27

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

{ ُتؤتي أُكلها } تعطي ثمرها . { كل حين } وقته الله تعالى لإثمارها . { بإذن ربها } بإرادة خالقها وتكوينه . { ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكّرون } لأن في ضربها

زيادة إفهام وتذكير ، فإنه تصوير للمعاني وإدناء لها من الحس .