فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

ثم وصفها سبحانه بأنها { تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } كل وقت { بِإِذْنِ رَبّهَا } بإرادته ومشيئته ، قيل : وهي النخلة . وقيل غيرها . وقيل : والمراد بكونها { تؤتي أكلها كل حين } أي : كل ساعة من الساعات من ليل أو نهار في جميع الأوقات من غير فرق بين شتاء وصيف . وقيل : المراد في أوقات مختلفة من غير تعيين ؛ وقيل : كل غدوة وعشية ، وقيل : كل شهر . وقيل : كل ستة أشهر . قال النحاس : وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة ؛ لأن الخبر عند جميع أهل اللغة إلاّ من شذّ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره ، وأنشد الأصمعي قول النابغة :

تطلقه حيناً وحيناً تراجع *** . . .

قال النحاس : وهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت . وقد ورد الحين في بعض المواضع يراد به : أكثر كقوله : { هَلْ أتى عَلَى الإنسان حِينٌ مّنَ الدهر } [ الإنسان : 1 ] . وقد تقدّم بيان أقوال العلماء في الحين في سورة البقرة في قوله : { وَلَكُمْ فِي الأرض مُسْتَقَرٌّ ومتاع إلى حِينٍ } [ البقرة : 36 ] . وقال الزجاج : الحين : الوقت طال أم قصر . { وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يتفكرون أحوال المبدأ والمعاد . وبدائع صنعه سبحانه الدالة على وجوده ووحدانيته ، وفي ضرب الأمثال زيادة تذكير وتفهيم وتصوير للمعاني .

/خ27