بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

ثم قال : { تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } يعني : تخرج ثمارها في كل وقت ، وتخرج منها في كل وقت من ألوان المنفعة { كل حين } . يعني : في كل وقت . روى الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس أنه قال : { تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } يعني : غدوة وعشية . وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال : النخلة يكون حملها شهرين . فنرى أن الحين شهران . وروى هشام بن حسان ، عن عكرمة ، أنه قال : حلف رجل فقال : إن فعلت كذا إلى حين ، فعليَّ كذا . فأرسل عمر بن عبد العزيز إلى ناس من الفقهاء فسألهم ، فلم يقولوا شيئاً .

قال عكرمة . فقلت : إن من الحين حيناً لا يدرك كقوله تعالى { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ } [ ص : 88 ] { فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخزى فِى الحياة الدنيا وَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ } [ يونس : 98 ] ومنها ما يدرك كقوله { تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } فأراد ما بين خروج الثمرة إلى صرامها ، فأراد به ستة أشهر . قال : فأعجب أي : فرح بذلك عمر بن عبد العزيز . وروي عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن امرأة حلفت ألاَّ تدخل على أهلها حيناً . قال : الحين ما بين طلوع الطلع إلى أن يجد وبين أن يجد إلى أن يطلع الطلع . يعني : ستة أشهر . وعن عكرمة عن ابن عباس أنه قال : الحين ما بين الثمرتين . يعني : سنة . وعن وهب بن منبه أنه قال : الحين السنة . وعن مقاتل : سنة . وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : الحين ستة أشهر . وقال عكرمة : النخلة لا يزال فيها شيء ينتفع به إما ثمرة وإما حطبه . فكذلك الكلمة الطيبة ينتفع بها صاحبها في الدنيا والآخرة .

ثم قال تعالى : { بِإِذْنِ رَبّهَا } أي : بأمر ربها { وَيَضْرِبُ الله الأمثال } يعني : يبيّن الأشباه { لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يعني : يتعظون ، ويتفكرون في الأمثال فيوحّدونه .