اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{تُؤۡتِيٓ أُكُلَهَا كُلَّ حِينِۭ بِإِذۡنِ رَبِّهَاۗ وَيَضۡرِبُ ٱللَّهُ ٱلۡأَمۡثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ} (25)

والحين في اللغة هو الوقت ، والمراد أنَّ ثمار هذه الشجرة تكون أبداً حاضرة دائمة في كلِّ الأوقات ولا تكون مثل الأشجار التي تكون ثمارها حضارة في بعض الأوقات دون بعض .

وقال مجاهد وعكرمة : والحين : سنة كاملة ؛ لأنَّ النخلة تثمر كلَّ سنةٍ{[19260]} . وقال سعيد بن جبير ، وقتادة والحسن : ستة أشهر من وقت إطلاعها إلى حين صرامها وروي ذلك عن ابن عبَّاسٍ -رضي الله عنه-{[19261]} .

وقيل : أربعة أشهر من حين ظهورها إلى إدراكها .

وقال سعيد بن المسيب : شهران من حين أن يؤكل منها إلى الصرام{[19262]} .

وقال الربيع بن أنس -رضي الله عنه- : كل حين ، أي : كل غدوة ، وعشية ، لأن ثمرة النخل تؤكل أبداً ليلاً ونهاراً صيفاً وشتاء إما تمراً رطباً أو بسراً ، كذلك عمل المؤمن يصعد أوَّل النهار وآخره ، وبركة إيمانه لا تنقطع أبداً ، بل تتصل في كلِّ وقت{[19263]} .

والحكمةٌ في تمثيل الإيمان بالشجرة ، وهي أن الشجرة لا تكون إلا ثلاثة أشياء :

عِرقٌ رَاسخٌ ، وأصلٌ قَائِمٌ ، وفَرعٌ عالٍ ، كذلك الإيمان لا يتمُّ إلا بثلاثة أشياء : تصديق بالقلب وقول باللسان ، وعمل بالأبدان .

ثم قال تعالى -جل ذكره- { وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } والمعنى : أن في ضرب الأمثال زيادة إفهام ، وتذكير وتصوير للمعاني .


[19260]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (7/443) عن مجاهد وابن زيد وذكره الماوردي في "تفسيره" (3/132)، عن مجاهد والبغوي (3/32) عن مجاهد وعكرمة.
[19261]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (7/442) عن عكرمة وسعيد بن جبير وابن عباس وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/144) عن عكرمة وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم. وذكره عن ابن عباس وزاد نسبته إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم. وذكره الماوردي (3/132) عن مجاهد.
[19262]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (7/443) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/145) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
[19263]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (7/440 – 441) عن ابن عباس والربيع بن أنس. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (4/145) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى البيهقي.