معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (135)

قوله تعالى : { قل كل متربص } منتظر دوائر الزمان ، وذلك أن المشركين قالوا نتربص بمحمد حوادث الدهر ، فإذا مات تخلصنا ، قال الله تعالى : { فتربصوا } فانتظروا { فستعلمون } إذا جاء أمر الله وقامت القيامة { من أصحاب الصراط السوي } المستقيم { ومن اهتدى } من الضلالة نحن أم أنتم ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (135)

قل يا محمد مخاطبا للمكذبين لك الذين يقولون تربصوا به ريب المنون { قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ } فتربصوا بي الموت ، وأنا أتربص بكم العذاب { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ } أي : الظفر أو الشهادة { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا } { فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ } أي : المستقيم ، { وَمَنِ اهْتَدَى } بسلوكه ، أنا أم أنتم ؟ فإن صاحبه هو الفائز الراشد ، الناجي المفلح ، ومن حاد عنه خاسر خائب معذب ، وقد علم أن الرسول هو الذي بهذه الحالة ، وأعداؤه بخلافه ، والله أعلم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (135)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بهذه الآية التى أمر فيها رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يهددهم بسوء العاقبة ، إذا ما استمروا فى طغيانهم يعمهون ، فقال - تعالى - : { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصراط السوي وَمَنِ اهتدى } .

أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء الكافرين : كل واحد منا ومنكم متربص بالآخر ، ومنتظر لما يؤول إليه أمر صاحبه .

وما دام الأمر كذلك { فَتَرَبَّصُواْ } وانتظروا ما يؤول إليه حالنا وحالكم { فَسَتَعْلَمُونَ } بعد زمن قريب . { مَنْ } هم { أَصْحَابُ الصراط السوي } أى : الطريق الواضح المستقيم الذى لا اعوجاج فيه { وَمَنِ } هم الذين تجنبوا الضلالة ، واهتدوا إلى ما يسعدهم فى دينهم وفى دنياهم وفى آخرتهم .

وقريب من هذه الآية فى المعنى قوله - تعالى - : { سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الكذاب الأشر } وقوله - سبحانه - : { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العذاب مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } وبعد فهذه سورة طه ، وهذا تفسر تحليلى لها ، وكما أنها قد افتتحت بنفى إرادة الشقاء للنبى - صلى الله عليه وسلم - فقد اختتمت بهذه البشارة له - صلى الله عليه وسلم - ولأتباعه وبهذا التهديد لأعدائهم . . .

نسأل الله - تعالى - أن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ، وأنس نفوسنا وبهجة صدورنا ، وشفيعنا يوم الدين { يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (135)

99

وعندما يصل السياق إلى تصوير المصير المحتوم الذي ينتظرهم يؤمر الرسول [ ص ] أن ينفض يده منهم ، فلا يشقى بهم ، ولا يكربه عدم إيمانهم ، وأن يعلن إليهم أنه متربص بهم ذلك المصير ، فليتربصوا هم كيف يشاءون :

( قل : كل متربص فتربصوا . فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ) . .

بذلك تختم السورة التي بدأت بنفي إرادة الشقاء عن النبي [ ص ] من تنزيل القرآن ، وحددت وظيفة القرآن : ( إلا تذكرة لمن يخشى ) . . والختام يتناسق مع المطلع كل التناسق . فهو التذكرة الأخيرة لمن تنفعه التذكرة . وليس بعد البلاغ إلا انتظار العاقبة . والعاقبة بيد الله . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (135)

ثم قال تعالى { قُلْ } أي : يا محمد لمن كذبك وخالفك واستمر على كفره وعناده { كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ } أي : منا ومنكم { فَتَرَبَّصُوا } أي : فانتظروا ، { فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ } أي : الطريق المستقيم ، { وَمَنِ اهْتَدَى } إلى الحق وسبيل الرشاد ، وهذا كقوله{[19594]} تعالى { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا } [ الفرقان : 42 ] ، { سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأشِرُ } [ القمر : 26 ] .

آخر تفسير سورة طه ، ولله الحمد والمنة .


[19594]:في هـ: "قوله" والمثبت من ف، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (135)

ثم أمر الله تعالى نبيه أن يتوعدهم ويحملهم ونفسه على التربص وانتظار الفرج . و «التربص » التأني ، و { الصراط } الطريق . وقرأت فرقة «السوي »{[8190]} ، وقرأت فرقة «السوء »{[8191]}فكأن هذه القراءة قسمت الفريقين أي ستعلمون هذا من هذا وقرأت فرقة «السوَّي » بشد الواو وفتحها{[8192]} ، وقرأت فرقة «السُّوءى » بضم السين وهمزة على الواو على وزن فعلى{[8193]} ، و { اهتدى } معناه رشد .


[8190]:على وزن فعيل، أي: المستوي.
[8191]:أي: الوسط، وهي قراءة أبي مجاز، وعمران بن حدير.
[8192]:اختلف الأصول في ضبط هذه القراءة، وتداخلت الألفاظ فيها وفي القراءة التالية.
[8193]:قال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط: "على وزن فعلى، أنث لتأنيث الصراط، وهو مما يذكر ويؤنث".