قوله : { قل{[27615]} كل متربص } { كل } مبتدأ ، و { متربص } خبره ، أفرد حملا على لفظ { كل }{[27616]} .
والمعنى كل منا ومنكم متربص منتظر عاقبة أمره ، وذلك أن{[27617]} المشركين قالوا : لنتربص بمحمد حوادث الدهر فإذا مات{[27618]} تخلصنا . قال الله تعالى{[27619]} : { فتربصوا } فانتظروا { فستعلمون } إذا جاء أمر الله ، وقامت القيامة ، وظهر{[27620]} أمر الثواب والعقاب فإنه يتميز المحق من المبطل .
ويحتمل أن يكون المراد قبل الموت إما{[27621]} بسبب الجهاد وإما بسبب ظهور الدولة والقوة{[27622]} .
قوله : { فستعلمون من أصحاب } يجوز في{[27623]} { من }{[27624]} وجهان :
أظهرهما{[27625]} : أن تكون استفهامية مبتدأة{[27626]} ، و { أصحاب } خبره ، والجملة في محل نصب سادة مسد المفعولين{[27627]} .
والثاني : ويعزى للفراء : أن تكون موصولة بمعنى الذين ، و ( أصحاب ) خبر مبتدأ مضمر ، أي هم{[27628]} أصحاب{[27629]} . وهذا على مقتضى مذهبهم ، يحذفون مثل هذا العائد وإن لم تطل الصلة{[27630]} . ثم ( علم ) يجوز أن تكون عرفانية فتكتفي بهذا المفعول وأن تكون على بابها فلا بد من تقدير ثانيهما .
قوله : { الصراط السّويّ } قرأ العامة " السّويّ " على وزن فعيل بمعنى المستوي{[27631]} وقرأ أبو مجلز{[27632]} وعمران بن ( حدير ){[27633]} {[27634]} " السَّوَاء " بفتح السين والمد بمعنى{[27635]} الوسط الجيد{[27636]} .
وقرأ يحيى بن يعمر{[27637]} والجحدري " السُّوَا " على فُعلى{[27638]} باعتبار أن " الصراط " يذكر ويؤنث{[27639]} . وقرأ ابن عباس : " السَّوْءَ " بفتح السين بمعنى{[27640]} الشر{[27641]} . وروي عنهما ( السُّوَّى ){[27642]} بضم السين وتشديد الواو{[27643]} ، ويحتمل ذلك وجهين :
أحدهما{[27644]} : أن يكون قلب الهمزة واوا وأدغم الواو في الواو{[27645]} ، وأن يكون فُعلَى من ( السواء ) وأصله ( السِّوْيَا ) فقلبت الياء واوا ، وأدغم أيضا ، وكان قياس هذه ( السِّيَّا ) ، لأنه متى اجتمع ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء{[27646]} ، وهنا فعل بالعكس{[27647]} {[27648]} وقرئ " السُّوَيّ " بضم السين وفتح الواو وتشديد الياء تصغير ( سَوء ) قاله الزمخشري .
قال أبو حيان : وليس بجيد إذ لو كان كذلك أثبت{[27649]} همزة ( سَوْء ){[27650]} ، والأجود أن يكون تصغير ( سواء ) كقولهم عطي في عطاء{[27651]} .
قال شهاب الدين : وقد جعله أبو البقاء أيضا تصغير ( السَّوْء ) بفتح الهمزة{[27652]} ويرد عليه ما تقدم إيراده على الزمخشري{[27653]} . وإبدال مثل هذه الهمزة جائز فلا إيراد{[27654]} {[27655]} .
قوله { ومن اهتدى } فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون استفهامية ، وحكمها كالتي قبلها إلا في حذف العائد{[27656]} .
الثاني : أن في محل رفع على ما تقدم في الاستفهامية{[27657]} .
الثالث : أن في محل جر نسقا على " الصراط " أي وأصحاب من اهتدى{[27658]} . وعلى هذين الوجهين تكون موصولة .
قال أبو البقاء في الوجه الثاني : وفيه عطف الخبر على الاستفهام ، وفيه تقوية قول الفراء{[27659]} يعني أنه إذا جعلها موصولة كانت خبرية .
ومعنى الكلام : فستعلمون إذا جاء أمر الله وقامت القيامة من أصحاب الصراط المستقيم ومن اهتدى من الضلالة نحن أم أنتم .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- " إن الله –عز وجل{[1]}- قرأ طه ويس{[2]} قبل أن يخلق آدم بألفي عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا : طوبى لأمة ينزل عليها هذا ، وطوبى لألسن تتكلم بهذا ، وطوبى لأجواف تحمل هذا " {[3]} .
وعن الحسن أن النبي –صلى الله عليه وسلم{[4]}- قال : " لا يقرأ أهل الجنة من القرآن إلا يس وطه " {[5]} . والله تعالى أعلم .
( تم الجزء المبارك بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في خامس عشر من رمضان المبارك المعطر قدره وحرمته سنة ثمانين وثمانمائة ، أحسن الله عاقبتها آمين ، على يد الفقير إلى الله تعالى علي بن محمد بن عبد الله الفيومي . والحمد لله رب العالمين على كل حال . يتلوه أول سورة الأنبياء ){[6]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.