نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قُلۡ كُلّٞ مُّتَرَبِّصٞ فَتَرَبَّصُواْۖ فَسَتَعۡلَمُونَ مَنۡ أَصۡحَٰبُ ٱلصِّرَٰطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ} (135)

ولما علم بهذا أن إيمانهم كالممتنع ، وجدالهم لا ينقطع ، بل إن جاءهم الهدى طعنوا فيه ، وإن عذبوا قبله تظلموا ، كان كأنه قيل : فما الذي أفعل معهم ؟ فقال : { قل كل } أي مني ومنكم { متربص } أي منتظر حسن عاقبة أمره ودوائر الزمان على عدوه { فتربصوا } فإنكم كالبهائم ليس لكم تأمل ، ولا تجوزون الجائز إلا عند وقوعه { فستعلمون } {[50338]}أي عما قريب{[50339]} بوعد لا خلف فيه عند{[50340]} كشف الغطاء { من أصحاب الصراط } أي الطريق الواضح الواسع{[50341]} { السويّ } أي الذي لا عوج فيه ولا نتوّ ، فهو{[50342]} من شأنه أن يوصل إلى المقاصد .

ولما كان صاحب الشيء قد لا يكون عالما بالشيء ولا عاملاً بما يعلم منه ، قال { ومن اهتدى* } أي {[50343]}من الضلالة{[50344]} فحصل على جميع ما ينفعه واجتنب جميع ما يضره ، نحن أم أنتم ؟ ولقد علموا يقيناً ذلك يوم فتح مكة المشرفة ، واشتد اغتباطهم بالإسلام ، ودخلوا رغبة في الحلم والكرم ، ورهبة من السيف والنقم{[50345]} ، وكانوا بعد ذلك يعجبون من توقفهم عنه ونفرتهم منه ، وهذا{[50346]} معناه أنه صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه هم السعداء الأغنياء الراضون في الدنيا والآخرة ، وهو عين قوله تعالى : { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } فقد انطبق الآخر على الأول ، ودل على أن العظيم يعامل بالحلم فلا يعجل - {[50347]}والله أعلم{[50348]} .


[50338]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[50339]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[50340]:سقط من مد.
[50341]:زيد من مد.
[50342]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[50343]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[50344]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[50345]:بهامش ظ: أي طائفة منهم دخلت راغبة وأخرى راهبة فعلى هذا الواو في قوله "ورهبة من السيف" بمعنى "أو" والمراد منه التقسيم.
[50346]:بين سطري ظ: أي قوله "من أصحاب الصراط السوي".
[50347]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[50348]:سقط ما بين الرقمين من مد.