معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (39)

قوله تعالى : { وقالت أولاهم } ، يعني القادة .

قوله تعالى : { لأخراهم } ، للأتباع .

قوله تعالى : { فما كان لكم علينا من فضل } ، لأنكم كفرتم كما كفرنا فنحن وأنتم في الكفر سواء وفي العذاب سواء .

قوله تعالى : { فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (39)

{ 39 ْ } { وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُم ْ }

أي : الرؤساء ، قالوا لأتباعهم : { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ ْ } أي : قد اشتركنا جميعا في الغي والضلال ، وفي فعل أسباب العذاب ، فأي : فضل لكم علينا ؟ { فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ْ } ولكنه من المعلوم أن عذاب الرؤساء وأئمة الضلال أبلغ وأشنع من عذاب الأتباع ، كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع ، قال تعالى : { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ْ } فهذه الآيات ونحوها ، دلت على أن سائر أنواع المكذبين بآيات اللّه ، مخلدون في العذاب ، مشتركون فيه وفي أصله ، وإن كانوا متفاوتين في مقداره ، بحسب أعمالهم وعنادهم وظلمهم وافترائهم ، وأن مودتهم التي كانت بينهم في الدنيا تنقلب يوم القيامة عداوة وملاعنة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (39)

أى : قال الزعماء لأتباعهم بعد أن سمعوا رد الله عليهم : إنا وإياكم متساوون في استحقاق العذاب ، ولكنا فيه سواء ، لأنا لم نجبركم على الكفر ، ولكنكم أنتم الذين كفرتم باختياركم ، وضللتم بسبب جهلكم ، فذوقوا العذاب المضاعف مثلنا بسبب ما اكتسبتموه في الدنيا من قبئاح ومنكرات :

فقوله - تعالى - { بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } بيان لأسباب الحكم عليهم .

وأنهم ما وردوا هذا المصير الأليم إلا بسبب ، ما اكتسبوه من آثام : واجترحوه من سيئات .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (39)

37

وكأنما شمت المدعو عليهم بالداعين ، حينما سمعوا جواب الدعاء ، فإذا هم يتوجهون إليهم بالشماتة . . كلنا سواء . . في هذا الجزاء :

( وقالت أولاهم لأخراهم : فما كان لكم علينا من فضل . فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون )

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (39)

{ وَقَالَتْ أُولاهُمْ لأخْرَاهُمْ } أي : قال المتبوعون للأتباع : { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ } قال السدي : فقد ضللتم كما ضللنا .

{ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } وهذا الحال كما أخبر الله تعالى عنهم في حال محشرهم ، في قوله تعالى : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ سبأ : 31 - 33 ]

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (39)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لاُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } .

يقول جلّ ثناؤه : وقالت أولى كلّ أمة وملة سبقت في الدنيا لأخراها الذين جاءوا من بعدهم وحدثوا بعد زمانهم فيها ، فسلكوا سبيلهم واستنوا سنتهم : فَمَا كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ وقد علمتم ما حلّ بنا من عقوبة الله بمعصيتنا إياه وكفرنا به ، وجاءتنا وجاءتكم بذلك الرسل والنّذر ، هل انتهيتم إلى طاعة الله ، وارتدعتم عن غوايتكم وضلالتكم ؟ فانقضت حجة القوم وخصموا ولم يطيقوا جوابا بأن يقولوا فُضّلنا عليكم أنا اعتبرنا بكم فآمنا بالله وصدّقنا رسله ، قال الله لجميعهم : فذوقوا جميعكم أيها الكفرة عذاب جهنم ، بما كنتم في الدنيا تكسبون من الاَثام والمعاصي ، وتجترحون من الذنوب والأجرام

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، قال : سمعت عمران ، عن أبي مجلز : وَقالَتْ أُولاهم لاِخْرَاهُمْ فَمَا كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ قال : يقول : فما فضلكم علينا ، وقد بين لكم ما صنع بنا وحُذرتم .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَقالَتْ أُولاهُمْ لاِخْرَاهُمْ فَمَا كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ فقد ضللتم كما ضللنا .

وكان مجاهد يقول في هذا بما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فَمَا كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ قال : من التخفيف من العذاب .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فَمَا كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْل قال : من تخفيف .

وهذا القول الذي ذكرناه عن مجاهد قول لا معنى له ، لأن قول القائلين : فما كان لكم علينا من فضل ، لمن قالوا ذلك إنما هو توبيخ منهم على ما سلف منهم قبل تلك الحال ، يدلّ على ذلك دخول «كان » في الكلام ، ولو كان ذلك منهم توبيخا لهم على قيلهم الذي قالول لربهم : آتهم عذابا ضعفا من النار ، لكان التوبيخ أن يقال : فما لكم علينا من فضل في تخفيف العذاب عنكم وقد نالكم من العذاب ما قد نالنا . ولم يقل : فما كان لكم علينا من فضل .