قوله : " وَقَالَتْ أُولاَهُمْ " أي في ترك الكُفْرِ والضَّلال وإنَّا متشاركون في استحقاق العذاب .
فإن قيل : إن هذا منهم كذب ؛ لأنَّهُمْ لكونهم رؤساء سادة وقادة ، قد دعوا إلى الكُفْرِ والتَّرغيب فيه ، فكانُوا ضالِّين مضلّين ، وأمَّا الأتباع والضَّعفاء وإن كانوا ضَالين إلاَّ أنَّهُم ما كانوا مضلّين ، فبطل قولهم : إنَّهُ لا فضل للأتباع على الرُّؤساء في تَرْكِ الضَّلال والكُفْرِ{[16116]} .
فالجواب : أنَّ أقصى ما في الباب أنَّهم كذبوا في هذا القول يوم القيامة ، وعندنا أنَّ ذلك جائز كما قرّرناه في سورة الأنعام في قوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] .
قوله : " فما " : هذه الفاء عاطفة هذه الجملة المنفيّة على قول الله تعالى للسَّفلة : " لِكُلِّ ضِعْفٌ " أي : فقد ثَبَتَ أنَّ لا فضل لكم علينا ، وأنا متساوون في استحقاق الضِّعف فذوقوا .
قال أبُو حَيَّان{[16117]} - بعد أنْ حكى بعض كلام الزَّمخشري{[16118]} - : والذي يظهر أنَّ المعنى انتفاء كون فضل عليهم من السَّفلة في الدُّنيا بسبب اتباعهم إيَّاهم ، وموافقتهم لهم في الكُفْرِ أي : اتِّباعُكم إيّانا ، وعدم اتِّباعكم سواء ؛ لأنَّكُم كنتم في الدُّنيا عندنا أقلَّ من أن يكون لكم علينا فضِل باتِّباعكم ، بل كفرتم اختياراً ، لا أنَّا حملْنَاكم على الكُفْرِ إجباراً ، وأنَّ قوله : " فَمَا كَانَ " جملة معطوفة على جُمْلَةٍ محذُوفَةٍ بعد القَوْلِ دَلَّ عليها ما سبق من الكلام ، والتَّقديرُ : قالت أولاهم لأخراهم : ما دعاؤكم اللَّه أنَّا أضللناكم وسؤالكم ما سألتم ، فما كان لكم علينا من فضلٍ بضلالكم ، وأنَّ قوله : " فَذُوقُوا " من كلام الأولى خِطَاباً للأخرى على سبيل التشفِّي ، وأن ذَوْقَ العذاب هو بسبب ما كَسَبْتُمْ لا بأنَّا أضْلَلْنَاكُمْ .
وقيل : فذوقوا من خطاب الله لهم .
و " بِمَا " " الباء " سببية ، و " مَا " مصدرية ، أو بمعنى " الَّذي " ، والعائد محذوف أي : تكسبونه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.