فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَيۡنَا مِن فَضۡلٖ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ} (39)

{ قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأولاهم } أي أخراهم دخولاً لأولاهم دخولاً . وقيل { أخراهم } : أي سفلتهم وأتباعهم { لأولاهم } لرؤسائهم وكبارهم . وهذا أولى كما يدل عليه { رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا } فإن المضلين هم الرؤساء . ويجوز أن يراد أنهم أضلوهم لأنهم تبعوهم واقتدوا بدينهم من بعدهم ، فيصح الوجه الأوّل ، لأن أخراهم تبعت دين أولاهم .

قوله : { فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النار } الضعف الزائد على مثله مرة أو مرات . ومثله قوله تعالى : { رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العذاب والعنهم لَعْناً كثيرا } وقيل : الضعف هنا الأفاعي والحيات ، وجملة { قَالَ لِكُلّ ضِعْفٌ } استئنافية جواباً لسؤال مقدّر ، والمعنى لكل طائفة منكم ضعف من العذاب ، أي الطائفة الأولى والطائفة الأخرى { ولكن لاَّ تَعْلَمُونَ } بما لكل نوع من العذاب { وَقَالَتْ أولاهم لأخْرَاهُمْ } أي قال السابقون للاحقين ، أو المتَبوعُونَ للتابعين { فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ } بل نحن سواء في الكفر بالله واستحقاق عذابه . { فَذُوقُواْ } عذاب النار ، كما ذقناه { بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } من معاصي الله والكفر به .

/خ39