معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ} (75)

قوله تعالى : { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } ، قال ابن عباس : للناظرين . وقال مجاهد : للمتفرسين . وقال قتادة : للمعتبرين . وقال مقاتل : للمتفكرين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ} (75)

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } أي : المتأملين المتفكرين ، الذين لهم فكر وروية وفراسة ، يفهمون بها ما أريد بذلك ، من أن من تجرأ على معاصي الله ، خصوصا هذه الفاحشة العظيمة ، وأن الله سيعاقبهم بأشنع العقوبات ، كما تجرأوا على أشنع السيئات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ} (75)

فاسم الإِشارة في قوله - سبحانه - { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } يعود إلى ما تضمنته القصة السابقة من عبر وعظات .

والآيات جمع آية ، والمراد بها هنا الأدلة والعلامات الدالة على ما يوصل إلى الحق والهداية . والمتوسمون : جمع المتوسم ، وهو المتأمل في الأسباب وعواقبها ، وفى المقدمات ونتائجها . .

قال القرطبى ما ملخصه : التوسم تفعل من الوسم ، وهى العلامة التي يستدل بها على مطلوب غيره . يقال : توسمت في فلان الخير ، إذا رأيت ميسم ذلك فيه ، ومنه قول عبد الله ابن رواحة للنبى صلى الله عليه وسلم .

إنى توسمت فيك الخير أعرفه . . . والله يعلم أنى ثابت البصر

وأصل التوسم : التثبت والتفكر ، مأخوذ من الوسم وهو التأثير بحديدة في جلد البعير وغيره . . وذلك يكون بجودة القريحة ، وحدة الخاطر ، وصفاء الفكر ، وتطهير القلب من أدناس المعاصى .

والمراد بالمتوسمين : " المتفرسين ، أو المتفكرين ، أو المعتبرين ، أو المتبصرين . . والمعنى متقارب . . " .

والمعنى : إن في ذلك الذي سقناه في قصتى إبراهيم ولوط - عليهما السلام - لأدلة واضحة على حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة الغاوين ، لمن كان ذا فكر سليم ، وبصيرة نافذة تتأمل في حقائق الأشياء ، وتتعرف على ما يوصلها إلى الهداية والطريق القويم .

قال بعض العلماء عند تفسيره لهذه الآية : هذه الآية أصل في الفراسة . أخرج الترمذى من حديث أبى سعد مرفوعًا : " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآية . . .

وقد أجاد الكلام في الفراسة ، الراغب الأصفهانى في كتابه " الذريعة " حيث قال في الباب السابع : وأما الفراسة فالاستدلال بهيئة الإِنسان وأشكاله وألوانه وأقواله ، على أخلاقه وفضائله ورذائله . . .

وقد نبه - سبحانه - على صدقها بقوله { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } وبقوله { تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً } وبقوله { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القول } ولفظها مأخوذ من قولهم " فرس السبع الشاه " فكأن الفراسة اختلاف المعارف .

وفى هذه الآية الكريمة تعريض لمن تمر عليهم العبر والعظات . والأدلة الدالة على وحدانية الله - تعالى - ، وكمال قدرته . . . فلا يعتبرون ولا يتعظون ولا يتفكرون فيها ، لانطماس بصيرتهم ، واستيلاء الأهواء والشهوات على نفوسهم ، كما قال - تعالى - { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ }