الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ} (75)

قوله تعالى : { لِلْمُتَوَسِّمِينَ } : متعلِّقٌ بمحذوف على أنه صفةٌ لآيات . والأجودُ أَنْ يتعلَّق بنفس " آياتٍ " لأنها بمعنى العلامات . والتَّوَسُّم تَفَعُّلٌ مِنَ الوَسْمِ ، والوَسْم : أصلُه التَّثبُتُ والتفكُّر ، مأخوذٌ من الوَسْم ، وهو التأثير بحديدةٍ في جِلْد البعير أو غيره . وقال ثعلب : " الواسم : الناظرُ إليك مِنْ قَرْنِكَ إلى قَدَمِك " ، وفيه معنى التثُّبت . وقيل :/ أصلُه : استقصاءُ التعرِّفِ يُقال : تَوَسَّمْتُ ، أي : تَعَرَّفْتُ مُسْتَقْصِياً وجوهَ التعرُّف . قال :

أوَ كلما وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلةٌ *** بَعَثَتْ إليَّ عريفَها يتوسَّمُ

وقيل : هو تَفَعُّل من الوَسْمِ ، وهو العَلاَمَةُ : تَوَسَّمْتُ فيك خيراً ، أي : ظَهَر له مِيْسَمُه عليك . قال ابن رواحة في النبي صلَّى الله عليه وسلم :

إنِّي تَوَسَّمْتُ فيك الخيرَ أَعْرِفُه *** والله يَعلم أني ثابتُ البَصَرِ

وقال آخر :

تَوَسَّمْتُه لَمَّا رَأَيْتُ مَهابَةً *** عليهِ وقُلْتُ : المرءُ مِنْ آلِ هاشمِ

ويُقال : اتَّسَمَ الرجلُ : إذا اتَّخَذَ لنفسِه علامةً يُعْرَفُ بها ، وتَوَسَّمَ : إذا طلبَ كَلأَ الوَسْمِيَّ ، أي : العشبِ النابتِ في أولِ مطرِ [ الربيعِ ] .