فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ} (75)

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ ( 75 ) }

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } المذكور من قصتهم وبيان ما أصابهم { لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ } أي للمتفكرين الناظرين في الأمر يستدلون بها ، وقال أبوة عبيدة للمتبصرين ، وقال قتادة : للمعتبرين ، وقيل للمتأملين كأنهم يعرفون باطن الشيء بسمة ظاهرة وقال مجاهد للمتفرسين .

وأخرج البخاري في التاريخ والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن السني وأبو نعيم وابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ؛ ثم قرأ : { إن في ذلك لآيات للمتوسمين } ) {[1033]} والفراسة على نوعين :

أحدهما : ما يوقعه الله في قلوب الصلحاء فيعلمون بذلك أحوال الناس بإصابة الحدس والنظر والظن والتثبت .

والثاني : ما يحصل بدلائل التجارب والأخلاق ، وللناس في هذا العلم تصانيف قديمة وحديثة ، وقال ثعلب : الواسم الناظر إليك من فرقك إلى قدمك ، والمعنى متقارب ، وأصل التوسم التثبت والتفكر تفعل مأخوذ من الوسم وهو التأثير بحديدة في جلد البعير أو البقر ، وقيل أصله استقصاء التعرف يقال توسمت أي تعرفت مستقصيا وجوه التعرف ، وقيل هو من الوسم بمعنى العلامة .


[1033]:الترمذي كتاب التفسير سورة 15 / 6.