معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

قوله تعالى : { بل رفعه الله إليه } . وقيل : قوله { يقيناً } يرجع إلى ما بعده ، وقوله { وما قتلوه } كلام تام تقديره : بل رفعه الله إليه يقيناً ، والهاء في ما قتلوه كناية عن عيسى عليه السلام ، وقال الفراء رحمه الله : معناه وما قتلوا الذي ظنوا أنه عيسى يقيناً ، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما معناه : وما قتلوا ظنهم يقيناً .

قوله تعالى : { وكان الله عزيزاً } منيعاً بالنقمة من اليهود .

قوله تعالى : { حكيماً } حكم باللعنة والغضب عليهم ، فسلط عليهم بنطيوس بن اسبسيانوس الرومي ، فقتل منهم مقتلة عظيمة .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ بَل رّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } . .

أما قوله جلّ ثناؤه : بَلْ رَفَعَهُ اللّهُ إلَيْهِ فإنه يعني : بل رفع الله المسيح إليه ، يقول : لم يقتلوه ولم يصلبوه ، ولكن الله رفعه إليه ، فطهره من الذين كفروا . وقد بينا كيف كان رفع الله إياه فيما مضى ، وذكرنا اختلاف المختلفين في ذلك والصحيح من القول فيه بالأدلة الشاهدة على صحته بما أغنى عن إعادته .

وأما قوله : وكانَ اللّهُ عَزِيزا حَكِيما فإنه يعني : ولم يزل الله منتقما من أعدائه ، كانتقامه من الذين أخذتهم الصاعقة بظلمهم ، وكلعنه الذين قصّ قصتهم بقوله : فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وكُفْرِهِمْ بآياتِ اللّهِ حكيما ، يقول : ذا حكمة في تدبيره وتصريفه خلقه في قضائه ، يقول : فاحذروا أيها السائلون محمدا أن ينزل عليكم كتابا من السماء من حلول عقوبتي بكم ، كما حلّ باوائلكم الذين فعلوا فعلكم في تكذيبهم رسلي ، وافترائهم على أوليائي . وقد :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق بن أبي سارة الرّؤَاسيّ ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : وكانَ اللّهُ عَزِيزا حَكِيما قال : معنى ذلك : أنه كذلك .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا} (158)

لذلك كلّه أعقب بالإبطال بقوله : { بل رفعه الله إليه } أي فلم يظفروا به . والرفع : إبعاده عن هذا العالم إلى عالم السماوات ، و ( إلى ) إفادة الانتهاء المجازي بمعنى التشريف ، أي رفعه الله رفع قرب وزلفى .

وقد تقدّم الكلام على معنى هذا الرفع ، وعلى الاختلاف في أنّ عيسى عليه السّلام بقي حيّاً أوْ أماته الله ، عند قوله تعالى : { إنّي متوفّيك ورافِعك إليّ } في سورة آل عمران ( 55 ) .

والتذييل بقوله : { وكان الله عزيزاً حكيماً } ظاهر الموقع لأنّه لمّا عزّ فقد حقّ لعزّه أن يُعِزّ أولياءَه ، ولمّا كان حكيماً فقد أتقن صُنع هذا الرفع فجعله فتنة للكافرين ، وتبصرة للمؤمنين ، وعقوبة ليهوذا الخائن .