معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (27)

قوله تعالى : { بما غفر لي ربي } يعني : بغفران ربي لي ، { وجعلني من المكرمين } تمنى أن يعلم قومه أن الله غفر له وأكرمه ، ليرغبوا في دين الرسل . فلما قتل حبيب غضب الله له وعجل لهم النقمة ، فأمر جبريل عليه السلام فصاح بهم صيحة واحدة ، فماتوا عن آخرهم ،

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (27)

القول في تأويل قوله تعالى : { قِيلَ ادْخُلِ الْجَنّةَ قَالَ يَلَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } .

يقول تعالى ذكره : قال الله له إذ قتلوه كذلك فلقيه : ادْخُلِ الجَنّةَ فلما دخلها وعاين ما أكرمه الله به لإيمانه وصبره فيه قالَ يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لي رَبّي يقول : يا ليتهم يعلمون أن السبب الذي من أجله غفر لي ربي ذنوبي ، وجعلني من الذين أكرمهم الله بإدخاله إياه جنته ، كان إيماني بالله وصبري فيه ، حتى قتلت ، فيؤمنوا بالله ويستوجبوا الجنة . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : ثني ابن إسحاق ، عن بعض أصحابه أن عبد الله بن مسعود كان يقول : قال الله له : ادخل الجنة ، فدخلها حيا يُرزق فيها ، قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها ، فلما أفضى إلى رحمة الله وجنته وكرامته قالَ يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ رَبّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قِيلَ ادْخُلِ الجَنّةِ فلما دخلها قالَ يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لي رَبّي وَجَعَلِني مِنَ المُكْرَمِينَ قال : فلا تلقى المؤمن إلاّ ناصحا ، ولا تلقاه غاشا ، فلما عاين من كرامة الله قالَ يا لَيْتَ قَوْمي يَعْلَمُونَ بمَا غَفَرَ لي رَبّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من كرامة الله ، وما هجم عليه .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : قِيلَ ادْخُلِ الجَنّةَ قال : قيل : قد وجبت له الجنة قال ذاك حين رأى الثواب .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد قِيلَ ادْخُلِ الجَنّةَ قال : وجبت لك الجنة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حَكَام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بَزّة ، عن مجاهد قِيلَ ادْخُلِ الجَنّةَ قال : وجبت له الجنة .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، عن سفيان ، عن عاصم الأحول ، عن أبي مجلز ، في قوله : بمَا غَفَرَ لي رَبّي قال : إيماني بربي ، وتصديقي رسله ، والله أعلم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (27)

{ بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين } فإنه جواب عن السؤال عن قوله عند ذلك القول ، وإنما تمنى علم قومه بحاله ليحملهم على اكتساب مثلها بالتوبة عن الكفر والدخول في الإيمان والطاعة على دأب الأولياء في كظم الغيظ والترحم على الأعداء ، أو ليعلموا أنهم كانوا على خطأ عظيم في أمره وأنه كان على حق ، وقرئ { المكرمين } و " ما " خبرية أو مصدرية والباء صلة { يعلمون } أو استفهامية جاء على الأصل ، والباء صلة غفر أي بأي شيء { غفر } لي ، يريد به المهاجرة عن دينهم والمصابرة على أذيتهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (27)

و( ما ) من قوله : { بما غفر لي ربي } مصدرية ، أي يعلمون بغفران ربي وجعله إياي من المكرمين .

والمراد بالمكرمين : الذين تلحقهم كرامة الله تعالى وهم الملائكة والأنبياء وأفضل الصالحين قال تعالى : { بل عباد مكرمون } [ الأنبياء : 26 ] يعني الملائكة وعيسى عليهم السلام .