الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (27)

قوله : { بِمَا غَفَرَ لِي } : يجوز في " ما " هذه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدها : المصدريةُ أي : يعلمون بغُفْرانِ ربي . والثاني : أنها بمعنى الذي ، والعائدُ محذوفٌ ، أي : بالذي غَفَرَه لي ربي . واسْتُضعِفَ هذا : من حيثُ إنه يَبْقى معناه أنه تمنى أَنْ يعلمَ قومُه بذنوبِه المغفورةِ . وليس المعنى على ذلك ، إنما المعنى على تَمَنِّي عِلْمِهم بغفرانِ رَبِّه ذنوبَه . والثالث : أنها استفهاميةٌ ، وإليه ذهب الفراء . ورَدَّه الكسائيُّ : بأنه كان ينبغي حَذْفُ ألفِها لكونِها مجرورةً وهو رَدٌّ صحيحٌ . وقال الزمخشري : " الأجودُ طَرْحُ الألفِ " والمشهورُ مِنْ مذهبِ البصريين وجوبُ حَذْفِ ألفِها كقوله :

3778 عَلامَ تقولُ الرُّمْحَ يُثْقِلُ عاتقي *** إذا أنا لم أَطْعَنْ إذا الخيلُ كَرَّتِ

إلاَّ في ضرورةٍ ، كقولِ الآخر :

3779 على ما قام يَشْتِمُني لَئيمٌ *** كخِنْزيرٍ تَمَرَّغَ في رَمادِ

وقُرِئ " من المُكَرَّمين " بتشديدِ الراء .