إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (27)

وكذلك قوله تعالى : { قَالَ يا ليت قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبّي وَجَعَلَنِي مِنَ المكرمين } فإنَّه جوابِ عن سؤالِ نشأ من حكايةِ حالهِ كأنَّه قيل : فماذا قال عند نيلِه تلك الكرامةَ السَّنيةَ فقيل قال : الخ وإنما تمنَّى علَم قومه بحاله ليحملَهم ذلك عن اكتسابِ مثله بالتَّوبةِ عن الكُفرِ والدخول في الإيمانِ والطَّاعةِ جرياً على سَننِ الأولياء في كظمِ الغيظ . والتَّرحمِ على الأعداءِ أو ليعلموا أنهم كانُوا على خطأٍ عظيمٍ في أمره وأنَّه كان على الحقِّ وأنَّ عداوتَهم لم تكسبه إلاَّ سعادةً . وقرئ من المكرمين . وما موصولةً أو مصدريةٌ والياءُ صلةُ يعلمون أو استفهاميةٌ وردتْ على الأصل والياءُ متعلِّقةٌ بغفرَ أي بأي شيءٍ غفرَ لي ربِّي يريدُ به تفخيمَ شأنِ المهاجرةِ عن ملَّتِهم والمصابرةِ . على أذيَّتِهم .