البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ} (27)

والظاهر أن ما في قوله : { بما غفر لي ربي } مصدرية ، جوزوا أن يكون بمعني الذي ، والعائد محذوف تقديره : بالذي غفره لي ربي من الذنوب ، وليس هذا بجيد ، إذ يؤول إلى تمني علمهم بالذنوب المغفرة ، والذي يحسن تمني علمهم بمغفرة ذنوبه وجعله من المكرمين .

وأجاز الفراء أن تكون ما استفهاماً .

وقال الكسائي : لو صح هذا ، يعني الاستفهام ، لقال بم من غير ألف .

وقال الفراء : يجوز أن يقال بما بالألف ، وأنشد فيه أبياتاً .

وقال الزمخشري : ويحتمل أن تكون استفهامية ، يعني بأي شيء غفر لي ربي ، يريد ما كان منه معهم من المصابرة لاعزاز دين الله حتى قيل : إن قولك { بما غفر لي ربي } يريد ما كان منه معهم بطرح الألف أجود ، وإن كان إثباتها جائزاً فقال : قد علمت بما صنعت هذا وبم صنعت . انتهى .

والمشهور أن إثبات الألف في ما الاستفهامية ، إذا دخل عليها حرف جر ، مختص بالضرورة ، نحو قوله :

على ما قام يشتمني لئيم *** كخنزير تمرغ في رماد

وحذفها هو المعروف في الكلام ، نحو قوله :

على م يقول الرمح يثقل كاهلي *** إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت

وقرىء : من المكرمين ، مشدد الراء مفتوح الكاف ؛ والجمهور : بإسكان الكاف وتخفيف الراء .