معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

قوله تعالى : { فتولى } أي : أعرض وأدبر عن الإيمان ، { بركنه } أي : بجمعه وجنوده الذين كانوا يتقوى بهم ، كالركن الذي يقوى به البنيان ، نظيره قوله تعالى : { وآوي إلى ركن شديد }( هود-80 ) ، { وقال ساحر أو مجنون } قال أبو عبيدة : أو بمعنى الواو .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِۦ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٞ} (39)

وقوله : فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ يقول : فأدبر فرعون كما أرسلنا إليه موسى بقومه من جنده وأصحابه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : فَتَوَلّى بِرُكُنِهِ يقول لقومه ، أو بقومه ، أنا أشكّ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فَتَوَلّى بِرُكْنهِ قال : بعضده وأصحابه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : فَتَوَلّي بِرُكْنِهِ غلب عدوّ الله على قومه .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله تبارك وتعالى فَتَوَلّى بِرُكْنِهِ قال : بجموعه التي معه ، وقرأ لَوْ أنّ لي بِكُمْ قُوّةً أوْ آوِي إلى رُكنٍ شَدِيدٍ قال : إلى قوة من الناس إلى ركن أجاهدكم به قال : وفرعون وجنوده ومن معه ركنه قال : وما كان مع لوط مؤمن واحد قال : وعرض عليهم أن يُنكحهم بناته رجاء أن يكون له منهم عضد يعينه ، أو يدفع عنه ، وقرأ هَؤُلاءِ بَناتي هُنّ أطْهَرُ لَكُمْ قال : يريد النكاح ، فأبوا عليه ، وقرأ قول الله تبارك وتعالى : لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقَ وَإنّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ أصل الركن : الجانب والناحية التي يعتمد عليها ويقوَى بها .

وقوله : وَقالَ ساحِرٌ أوْ مَجْنُونٌ يقول : وقال لموسى : هو ساحر يسحر عيون الناس ، أو مجنون ، به جِنّة . وكان معمر بن المثنى يقول : أو في هذا الموضع بمعنى الواو التي للموالاة ، لأنهم قد قالوهما جميعا له ، وأنشد في ذلك بيت جرير الخطفي :

أَثَعْلَبَةَ الفَوَارِسَ أوْ رِياحا *** عَدَلَتْ بِهِمْ طُهَيّةَ والخِشابا