معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيۡلَكُمۡ لَا تَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا فَيُسۡحِتَكُم بِعَذَابٖۖ وَقَدۡ خَابَ مَنِ ٱفۡتَرَىٰ} (61)

قوله تعالى : { قال لهم موسى } يعني : السحرة الذين جمعهم فرعون وكانوا اثنين وسبعين ساحراً مع كل واحد منهم حبل وعصا . وقيل : كانوا أربعمائة . وقال كعب : كانوا اثني عشر ألفاً . وقيل : أكثر من ذلك { ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب } قرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص " فيسحتكم " بضم الياء وكسر الحاء . وقرأ الباقون : بفتح الياء والحاء وهما لغتان . قال مقاتل ، والكلبي : فيهلككم . وقال قتادة : فيستأصلكم . { وقد خاب من افترى * }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيۡلَكُمۡ لَا تَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا فَيُسۡحِتَكُم بِعَذَابٖۖ وَقَدۡ خَابَ مَنِ ٱفۡتَرَىٰ} (61)

قوله - تعالى - : { قَالَ لَهُمْ موسى وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى الله كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ . . . } حكاية لما وجهه موسى - عليه السلام - من نصح وإنذار . قيل : كان عددهم اثنين وسبعين ، وقيل : أكثر من ذلك .

قال الجمل : قوله { فَيُسْحِتَكُم } قرأ الأخوان وحفص عن عاصم فيسحتكم - بضم الياء وكسر الحاء - . وقرأ الباقون بفتحهما . فقراءة الأخوين من أسحت الرباعى ، وهى لغة نجد وتميم ، وقراءة الباقين من سحت الثلاثى - وبابه قطع - وهى لغة الحجازيين .

وأصل هذه المادة . الدلالة على الاستقصاء ، والنفاد ، ومنه سحت الحالق الشعر ، أى : استقصاء فلم يترك منه شيئا ، ويستعمل فى الإهلاك والإذهاب ، ونصبه بإضمار أن فى جواب النهى .

أى : قال موسى - عليه السلام - للسحرة الذين التقى بهم وجها لوجه بعد أن حشدهم فرعون أمامه ، فقال لهم : الويل والهلاك لكم ، لا تفتروا على الله - تعالى - كذبا ، بأن تقفوا فى وجهى ، وتزعموا أن معجزاتى هى نوع من السحر . فإنكم لو فعلتم ذلك أهلككم الله - تعالى - وأبادكم بعذاب عظيم من عنده .

وجملة { وَقَدْ خَابَ مَنِ افترى } معترضة لتقرير وتأكيد ما قبلها .

أى : وقد خاب وخسر كل من قال على الله - تعالى - قولا باطلا لا حقيقة له ، وفرعون أول المبطلين المفترين الخاسرين ، فاحذروا أن تسيروا فى ركابه ، أو أن تطيعوا له أمرا .

ويبدو أن هذه النصيحة الصادقة المخلصة كان لها أثرها الطيب فى نفوس بعض السحرة ، بدليل قوله - تعالى - بعد ذلك { فتنازعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ النجوى }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيۡلَكُمۡ لَا تَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا فَيُسۡحِتَكُم بِعَذَابٖۖ وَقَدۡ خَابَ مَنِ ٱفۡتَرَىٰ} (61)

فقال موسى للسحرة { ويلكم } وهذه مخاطبة محذرة ندبهم في هذه الآية إلى قول الحق إذا رأوه وأن لا يباهتوا بكذب وقرأ ابن عباس ونافع وعاصم{[1]} وأبو عمرو وابن عامر «فيَسحتكم » بفتح الياء ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم «فيُسحتكم » بضم الياء وهما لغتان بمعنى يقال سحت وأسحب إذا أهلك وأذهب ومنه قول الفرزدق : [ الطويل ]

وعض زماني يا ابن مروان لم يدع . . . من المال إلا مسحتاً أو مجلف{[2]}

فهذا من أسحت .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.