إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ وَيۡلَكُمۡ لَا تَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا فَيُسۡحِتَكُم بِعَذَابٖۖ وَقَدۡ خَابَ مَنِ ٱفۡتَرَىٰ} (61)

وقوله تعالى : { قَالَ لَهُمْ موسى } الخ ، بطريق الاستئنافِ المبنيِّ على السؤال يقضي بأن المترقَّبَ عن أحواله عليه الصلاة والسلام حينئذ والمحتاجَ إلى السؤال والبيانِ ليس إلا ما صدر عنه عليه الصلاة والسلام من الكلام ، وأما إتيانُه أولاً فأمرٌ محققٌ غنيٌّ عن التصريح به كأنه قيل : فمادا صنع موسى عليه الصلاة والسلام عند إتيانِ فرعونَ بمن جمعه من السحرة ؟ فقيل : قال لهم بطريق النصيحة : { وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى الله كَذِباً } بأن تدْعوا آياتِه التي ستظهر على يدي سِحراً كما فعل فرعون { فَيُسْحِتَكُم } أي يستأصلكم بسببه { بِعَذَابِ } هائل لا يقادَر قدرُه ، وقرئ يَسحَتُكم من الثلاثي على لغة أهلِ الحجاز ، والإسحاتُ لغةُ بني تميم ونجد { وَقَدْ خَابَ مَنِ افترى } أي على الله كائناً من كان بأي وجهٍ كان فيدخل فيه الافتراءُ المنهيُّ عنه دخولاً أولياً ، وقد خاب فرعونُ المفتري فلا تكونوا مثلَه في الخَيبة ، والجملةُ اعتراضٌ مقرِّرٌ لمضمون ما قبلها .