معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (39)

قوله تعالى : { هذا عطاؤنا } يعني : قلنا له { هذا عطاؤنا } ، { فامنن أو أمسك } المن : هو الإحسان إلى من تشاؤم ومن لا تشاؤم ، معناه : أعط من شئت وأمسك عمن شئت ، { بغير حساب } لا حرج عليك فيما أعطيت وفيما أمسكت . قال الحسن : ما أنعم الله على أحد نعمة إلا عليه تبعة ، إلا سليمان فإنه إن أعطي أجرا ، وإن لم يعط لم يكن عليه تبعة . وقال مقاتل : هذا في أمر الشياطين ، يعني :خل من شئت منهم ، وأمسك من شئت في وثاقك ، لا تبعة عليك فيما تتعاطاه . { وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (39)

ثم بين - سبحانه - أنه أباح لسليمان - عليه السلام - أن يتصرف فى هذا الملك الواسع كما يشاء فقال : { هذا عَطَآؤُنَا } { فامنن أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } أى : فأعط من شئت منه . وأمسك عمن شئت . فأن غير محاسب منا لا على العطاء ولا على المنع .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (39)

{ هذا عطاؤنا } أي هذا الذي أعطيناك من الملك والبسطة والتسلط على ما لم يسلط به غيرك عطائنا . { فامنن أو أمسك } فاعط من شئت وامنع من شئت . { بغير حساب } حال من المستكن في الأمر ، أي غير محاسب على منه وإمساكه لتفويض التصرف فيه إليك أو من العطاء أو صلة له وما بينهما اعتراض . والمعنى أنه عطاء جم لا يكاد يمكن حصره ، وقيل الإشارة إلى تسخير الشياطين ، والمراد بالمن والإمساك إطلاقهم وإبقاءهم في القيد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (39)

والإِشارة إلى التسخير المستفاد من { فسخرنا له الريح } [ ص : 36 ] إلى قوله : { والشياطين } [ ص : 37 ] أي هذا التسخير عطاؤنا . والإِضافة لتعظيم شأن المضاف لانتسابه إلى المضاف إليه فكأنه قيل : هذا عطاء عظيم أعطيناكه . والعطاء مصدر بمعنى المعطى مثل الخلق بمعنى المخلوق .

و« امنن » أمر مستعمل في الإِذن والإِباحة ، وهو مشتق من المنّ المكنّى به عن الإِنعام ، أي فأنعم على مَن شئت بالإِطلاق ، أو أمسك في الخدمة من شئت .

فالمنّ : كناية عن الإِطلاق بلازم اللام ، كقوله تعالى : { فإما مناً بعدُ وإما فداء } [ محمد : 4 ] .

وجملتا { فامنن أو أمْسِك } معترضتان بين قوله : { عَطَاؤُنَا } وقوله : { بِغَيرِ حسَابٍ } ، وهو تفريع مقدّم من تأخير .

والتقديم لتعجيل المسرة بالنعمة ، ونظيره قوله تعالى من بعد : { هذا فليذوقوه حميم وغساق } [ ص : 57 ] وقول عنترة :

ولقد نزلت فلا تظنِّي غيرَه *** مني بمنزلة المُحَب المكْرَم

وقول بشارة :

كقائلة إن الحمار فنحِّه *** عن القَتِّ أهلُ السمسم المتهذب

مجازاً وكناية في التحديد والتقدير ، أي هذا عطاؤنا غير محدد ولا مقتَّر فيه ، أي عطاؤنا واسعاً وافياً لا تضييق فيه عليك .

ويجوز أن يكون { بغيرِ حسابٍ } حالاً من ضمير « أمنن أو أمسك » . ويكون الحساب بمعنى المحاسبة المكنّى بها عن المُؤاخذة . والمعنى : أُمنن أو أمسك لا مؤاخذة عليك فيمن منَنْتَ عليه بالإِطلاق إن كان مفسداً ، ولا فيمن أمسكته في الخدمة إن كان صالحاً .