إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{هَٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (39)

وقوله تعالى : { هذا } الخ إمَّا حكايةٌ لما خُوطب به سليمانُ عليه السَّلامُ مبيِّنةٌ لعظمِ شأنِ ما أُوتي من الملكِ وأنَّه مفوَّضٌ إليه تفويضاً كلِّياً وإما مقولٌ لقولٍ مقدَّرٍ هو معطوفٌ على سخَّرنا أو حالٌ من فاعلهِ كما مرَّ في خاتمةِ قصَّةِ داودَ عليه السَّلامُ أي وقُلنا له أو قائلين له هذا الأمرُ الذي أعطيناكَه من المُلكِ العظيمِ والبسطةِ والتَّسلطِ على ما لَم يُسلَّطُ عليه غيرُك { عَطَاؤُنَا } الخاصُّ بك { فامنن أَوْ أَمْسِكْ } فأعطِ مَن شئتَ وامنْع مَن شئتَ { بِغَيْرِ حِسَابٍ } حال من المستكنِّ في الأمرِ أي غير محاسب على منِّه وإمساكهِ لتفويضِ التَّصرف فيه إليك على الإطلاقِ أو من العطاءِ أي هذا عطاؤنا مُلتبساً بغير حسابٍ لغاية كثرتِه ، أو صلةٌ له وما بينهما اعتراضٌ على التَّقديرينِ ، وقيل : الإشارةُ إلى تسخير الشَّياطينِ والمرادُ بالمنِّ والإمساكِ الإطلاقُ والتَّقييدُ