قوله تعالى : { هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } قال عامة أهل التأويل : هذا في الشياطين التي ذكر أنه سخرها له في العمل { وآخرين } في جعله إياهم { في الأصفاد } خيره بين أن يمن على من يشاء منهم ، فيخلي سبيله ، وبين أن يمسك من شاء منهم ، فلا يخلي سبيله .
وقال بعضهم : ذلك التخيير في الشياطين وفي جميع ما أعطاه له من الملك ؛ يقول : إن شئت تمن ، فتعطيه من شئت ، وإن شئت أمسكت ، فلا تعطي أحدا شيئا ، ولا تبعة عليك في ذلك الإعطاء ولا في الإمساك ، والله أعلم .
وجائز أن يكون لا على التخيير . ولكن امتحنه بالإعطاء لقوم والمنع عن قوم ، فيقول : { هذا عطاؤنا فامنن } أي أعط ، وابذل لمن أمرت ، وامتحنت بالإعطاء من كان أهلا لذلك ، وأمسك عمن ليس هو بأهل لذلك ، ومن لم تؤمر بدفعه أليه ، وهو كقوله عز وجل : { إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا } [ الكهف : 86 ] أن ليس على التخيير ، ولكن على تعذيب من هو أهل للعذاب مستحق له واتخاذ الحسن في من كان أهلا على ما بين في ذلك ، وأظهر في الآية حين قال عز وجل : { قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا } { وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى } [ الكهف : 87و88 ] فعلى ذلك يحتمل الأول ، والله أعلم .
وقال الحسن : قوله عز وجل : { هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب } يقول : هذا ملكنا الذي أعطيناك ، يقول : أعط منه ما شئت ، وامنع منه ما شئت ، لا تبعة عليك فيه في الآخرة ، وهو قريب مماذكرنا في أجد التأويلين .
قال قتادة : احبس منهم من شئت في وثاقك وعذابك ، وسرح منهم من شئت ، لا حساب عليك في ذلك . وهو قريب مما ذكرنا في أحد التأويلين .
رجع أحدهما إلى الشياطين خاصة في الحبس في العمل من شاء منهم والتسريح لمن شاء منهم ، والآخر إلى كل ما أعطاه من الملك ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { بغير حساب } أي أعطاه له من الملك ما لا يجب من الكثرة والعدد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.