معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلَنَأۡتِيَنَّكَ بِسِحۡرٖ مِّثۡلِهِۦ فَٱجۡعَلۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكَ مَوۡعِدٗا لَّا نُخۡلِفُهُۥ نَحۡنُ وَلَآ أَنتَ مَكَانٗا سُوٗى} (58)

قوله تعالى : { فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعداً } أي : فاضرب بيننا وبينك أجلاً وميقاتاً { لا نخلفه } قرأ أبو جعفر : { لا نخلفه } جزما لا نجاوزه { نحن ولا أنت مكاناً سوىً } قرأ ابن عامر ، وعاصم ، و حمزة ، و يعقوب " سوىً " بضم السين ، وقرأ الآخرون : بكسرها وهما : لغتان مثل عدى وعدى وطوىً وطوى . قال مقاتل ، و قتادة : مكاناً عدلاً بيننا وبينك . وعن ابن عباس : نصفاً ، ومعناه : تستوي مسافة الفريقين إليه . قال أبو عبيدة ، والقتيبي : وسطا بين الفريقين . قال مجاهد : منصفاً . وقال الكلبي : يعني سوى هذا المكان .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلَنَأۡتِيَنَّكَ بِسِحۡرٖ مِّثۡلِهِۦ فَٱجۡعَلۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكَ مَوۡعِدٗا لَّا نُخۡلِفُهُۥ نَحۡنُ وَلَآ أَنتَ مَكَانٗا سُوٗى} (58)

ثم أضاف فرعون إلى تهديده لموسى تهديدا آخر فقال : { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فاجعل بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } .

وقوله : { فَلَنَأْتِيَنَّكَ . . . } جواب لقسم محذوف . أى : والله لنأتينك بسحر مثله . . .

قال الجمل : وقوله : { مَوْعِداً } يجوز أن يكون زمانا ، ويرجحه قوله : { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة } ويجوز أن يكون مكانا ، والمعنى : بين لنا مكانا معلوما نعرفه نحن وأنت فنأتيه ، وهذا يؤيده قوله : { مَكَاناً سُوًى } .

ويجوز أن يكون مصدرا ، ويؤيد هذا قوله { لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ } لأن المواعدة توصف بالخلف وعدمه .

وقوله : { لاَّ نُخْلِفُهُ } من الإخلاف بمعنى عدم إنجاز الوعد .

وقوله : { سُوًى } قرأه ابن عامر وعاصم وحمزة بضم السين ، وقرأة الباقون بالكسر ومعنى القراءتين واحد .

وأصله من الاستواء . يقال : مكان سوى وسواء .

أى : عدل ووسط ، بحيث يستوى طرفاه بالنسبة للفريقين .

أى : قال فرعون لموسى مهددا ومتوعدا : أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى ، والله لنأتينك بسحر مثل سحرك ، فاجعل بيننا وبينك موعدا للمباراة والمنازلة ، لا نخلف نحن ولا أنت هذا الموعد ، وأن يكون مكان منازلتنا لك فى مكان يتوسط المدينة ، بحيث يستطيع جميع سكانها أن يحضروا إليه .

والمتأمل فى الآية الكريمة يرى أن فرعون قد قال ما قال لموسى وهو كأنه قد جمع أطراف النصر بين يديه .

ويشهد لذلك : تصديره كلامه بالقسم { فَلَنَأْتِيَنَّكَ . . } وتركه لموسى اختيار الموعد الذى يناسبه { فاجعل بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } واشتراطه عدم الخلف فى الموعد { لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ } واقتراحه أن يكون مكان المبارزة فى وسط المدينة ، حتى يراها جميع الناس { مَكَاناً سُوًى } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَنَأۡتِيَنَّكَ بِسِحۡرٖ مِّثۡلِهِۦ فَٱجۡعَلۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكَ مَوۡعِدٗا لَّا نُخۡلِفُهُۥ نَحۡنُ وَلَآ أَنتَ مَكَانٗا سُوٗى} (58)

{ فلنأتينك بسحر مثله } مثله سحرك . { فاجعل بيننا وبينك موعدا } وعدا لقوله : { لا نخلفه نحن ولا أنت } فإن الإخلاف لا يلائم الزمان والمكان وانتصاب . { مكانا سوى } بفعل دل عليه المصدر لا به لأنه موصوف ، أو بأنه بدل من { موعدا } على تقدير مكان مضاف إليه وعلى هذا يكون طباق الجواب في قوله .