فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَنَأۡتِيَنَّكَ بِسِحۡرٖ مِّثۡلِهِۦ فَٱجۡعَلۡ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكَ مَوۡعِدٗا لَّا نُخۡلِفُهُۥ نَحۡنُ وَلَآ أَنتَ مَكَانٗا سُوٗى} (58)

{ فلنأتينك بسحر مثله } أي والله لنعارضنك بمثل ما جئت به من السحر في الغرابة ، حتى يتبين للناس أن الذي جئت به سحر يقدر على مثله ساحر .

{ فاجعل بيننا وبينك موعدا } هو مصدر أي وعدا ، وقيل اسم مكان أي اجعل لنا يوما معلوما أو مكانا معلوما أو أجلا وميقاتا ، قال الجوهري : الميعاد المواعدة والوقت والموضع وكذلك الموعد ، قال القشيري وأبو البقاء ، والأظهر أنه مصدر ولهذا قال .

{ لا نخلفه } أي لا نخلف ذلك الوعد ولا نجاوزه ، وقرئ بالرفع على أنه صفة لموعد أي لا نخلف ذلك الموعد ، وقرئ بالجزم على أنه جواب الأمر ، والإخلاف أن تعد الشيء ولا تنجزه { نحن } توكيد مصحح للعطف على الضمير المرفوع المستتر في نخلفه .

{ ولا أنت } فوض تعيين الموعد إلى موسى إظهارا لكمال اقتداره على الإتيان به بمثل ما أوتي موسى { مكانا } منصوب باجعل على أنه مفعول فيه وأطال الكلام على نصبه السمين { سوى } بضم السين وبكسرها وهما قراءتان سبعيتان وكسر السين هي اللغة العالية الفصيحة ، والمراد مكانا مستويا ، وقيل مكانا منصفا عدلا بيننا وبينك ، قال سيبويه يقال : سوى وسوى أي عدل يعني عدلا بين المكانين .

قال أبو عبيدة والقتيبي : معناه مكانا وسطا بين الفريقين ، لأن المسافة من الوسط إلى الطرفين مستوية ، وقيل معناه سوى هذا المكان وفيه بعد .