معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

قوله تعالى : { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات } ، قال قتادة : يعني مشركي مكة . وقال مقاتل : هم خمسة نفر : عبد الله بن أمية المخزومي ، والوليد بن المغيرة ، ومكرز بن حفص ، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري ، والعاص بن عامر بن هاشم . { قال الذين لا يرجون لقاءنا } ، هم السابق ذكرهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إن كنت تريد أن نؤمن بك { ائت بقرآن غير هذا } ، ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومناة ، وليس فيه عيبها ، وإن لم ينزلها الله فقل أنت من عند نفسك ، { أو بدله } ، فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة ، أو مكان حرام حلالا ، أو مكان حلال حراما ، { قل } لهم يا محمد ، { ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي } ، من قبل نفسي { إن أتبع إلا ما يوحى إلي } ، أي : ما أتبع إلا ما يوحى إلي فيما آمركم به وأنهاكم عنه . { { إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

ثم حكى - سبحانه - بعض المقترحات الفاسدة التي اقترحها المشركون على النبي - صلى الله عليه وسلم - ورد عليها بما يبطلها فقال - تعالى - :

{ وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا . . . } .

قال الآلوسى ما ملخصه : " عن مقاتل قال : إن الآية { وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا . . } نزلت في جماعة من قريش قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن كنت تريد أن نؤمن لك ، فأت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى وليس فيه ما يعيبها ، وإن لم ينزل الله - تعالى - عليك ذلك فقل أنت هذا من نفسك ، أو بدله فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة ، ومكان حرام حلال ، ومكان حلال حراما .

والمعنى : وإذا تتلى على أولئك المشركين آياتنا الواضحة المنزلة عليك - يا محمد - قالوا على سبل العناد والحسد : ائت بقرآن آخر سوى هذا القرآن الذي تتلوه علينا ، أو بدله بأن تجعل مكان الآية التي فيها سب لآلهتنا ، آية أخرى فيها مدح لها .

وفي الآية الكريمة التفات من الخطاب إلى الغيبة ، إظهاراً للإِعراض عنهم ، حتى لكأنهم غير حاضرين ، وغير أهل لتوجيه الخطاب إليهم .

والمراد بالآيات : الآيات القرآنية الدالة على وحدانية الله - تعالى - وعلى صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلغه عن ربه ، وأضافها - سبحانه - إليه على سبيل التشريف والتعظيم ، وأسند التلاوة إلى الآيات بصيغة المبني للمفعول ، للإِشارة إلى أن هذه الآيات لوضوجها ، ولمعرفتهم التامة لتاليها ، صارت بغير حاجة إلى تعيين تاليها - صلى الله عليه وسلم - .

قال صاحب الكشاف : " فإن قلت : فماذا كان غرضهم - وهم أدهى الناس وأمكرهم - في هذا الاقتراح ؟ "

قلت : الكبد والمكر . أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن ففيه أنه من عندك وأنك قادر على مثله ، فأبدل مكانه آخر ، وأما اقتراح التبديل فللطمع ولاختبار الحال ، وأنه إذا وجد منه تبديل ، فإما أن يهلكه الله فينجوا هم منه أو لا يهلكه فيسخروا منه ، ويجعلوا التبديل حجة عليه ، وتصحيحا لافترائه على الله .

وقوله : { قُلْ مَا يَكُونُ لي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نفسي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَيَّ إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } هذا القول أمر من الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يرد عليهم بما يزهق باطلهم .

وكلمة { تلقاء } مصدر من اللقاء كتبيان من البيان ، وكسر التاء فيهما سماعي ، والقياس في هذا المصدر فتحها كالتكرار والتطواف والتجوال .

والمعنى : قل لهم - أيها الرسول الكريم - على سبيل التوبيخ : لا يصح لي بحال من الأحوال ، أن أبدل هذا القرآن من عند نفسي ومن جهتها ؛ وإنما أنا أبلغكم ما أنزل الله على منه ، بدون زيادة أو نقصان ، أو تغيير أو تبديل .

وقوله : { إني أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } تعليل لمضمون ما قبله من امتناع الإِتيان بغيره أو تبديله ، والاقتصار على اتباع الوحي .

أي : إني أخاف إن عصيت ربي أية معصية ، عذاب يوم عظيم الهول ، وإذا كان شأني أن أخشاه - سبحانه - من أية معصية ولو كانت صغيرة ، فكيف لا أخشاه إن عصيت بتبديل كلامه استجابة لأهوائكم ؟

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

يخبر تعالى عن تعنّت الكفار من مشركي قريش الجاحدين الحقّ المعرضين عنه ، أنهم إذا قَرَأ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم كتاب الله وحُجَجه الواضحة قالوا له : { ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا } أي : رد هذا وجئنا بغيره من نمط آخر ، أو بَدّله إلى وضع آخر ، قال الله لنبيه ، صلوات الله وسلامه عليه ، { قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي } أي : ليس هذا إلي ، إنما أنا عبد مأمور ، ورسول مبلغ عن الله ، { إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

قوله تعالى { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات } الآية ، هذه الآية نزلت في قريش لأن بعض كفارهم قال هذه المقالة على معنى ساهلنا يا محمد واجعل هذا الكلام الذي هو من قبلك على اختيارنا وأحل ما حرمته وحرم ما حللته ليكون أمرنا حينئذ واحداً وكلمتنا متصلة ، فذم الله هذه الصنعة وذكرهم بأنهم يقولون هذا للآيات البيّنات ، ووصفهم لأنهم لا يؤمنون بالبعث ، ثم أمر الله نبيه عليه السلام أن يرد عليهم بالحق الواضح وأن يستسلم ويتبع حكم الله تعالى ويعلم بخوفه ربه ، و «اليوم العظيم » يوم القيامة .