غاظهم ما في القرآن من ذمّ عبادة الأوثان والوعيد للمشركين ، فقالوا : { ائت بِقُرْءانٍ } آخر ليس فيه ما يغيظنا من ذلك نتبعك { أَوْ بَدّلْهُ } بأن تجعل مكان آية عذاب آية رحمة ، وتسقط ذكر الآلهة وذمّ عبادتها . فأمر بأن يجيب عن التبديل ، لأنه داخل تحت قدرة الإنسان ، وهو أن يضع مكان آية عذاب آية رحمة مما أنزل ، وأن يسقط ذكر الآلهة . وأما الإتيان بقرآن آخر ، فغير مقدور عليه للإنسان { مَا يَكُونُ لِى } ما ينبغي لي وما يحلّ ، كقوله تعالى : { مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقّ } [ المائدة : 116 ] . { أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِى } من قبل نفسي . وقرئ : بفتح التاء : من غير أن يأمرني بذلك ربي { إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ } لا آتي ولا أذر شيئاً من نحو ذلك ، إلاّ متبعاً لوحي الله وأوامره ، إن نسخت آية تبعت النسخ ، وأن بدِّلت آية مكان آية تبعت التبديل ، وليس إليّ تبديل ولا نسخ { إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى } بالتبديل والنسخ من عند نفسي { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .
فإن قلت : أما ظهر وتبين لهم العجز عن الإتيان بمثل القرآن حتى قالوا : { ائت بِقُرْءانٍ غَيْرِ هذا } ؟ قلت : بلى ، ولكنهم كانوا لا يعترفون بالعجز ، وكانوا يقولون : لو نشاء لقلنا مثل هذا . ويقولون : افترى على الله كذباً ، فينسبونه إلى الرسول ويزعمونه قادراً عليه وعلى مثله . مع علمهم بأنّ العرب مع كثرة فصحائها وبلغائها إذا عجزوا عنه ، كان الواحد منهم أعجز .
فإن قلت : لعلهم أرادوا : ائت بقرآن غير هذا أو بدّله ، من جهة الوحي كما أتيت بالقرآن من جهته . وأراد بقوله : { مَا يَكُونُ لِى } ما يتسهل لي وما يمكنني أن أُبدّله . قلت : يردّه قوله : { إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى } .
فإن قلت : فما كان غرضهم وهم أدهى الناس وأنكرهم في هذا الاقتراح ؟ قلت : الكيد والمكر . أما اقتراح إبدال قرآن بقرآن ، ففيه أنه من عندك وأنك قادر على مثله ، فأبدل مكانه آخر ، وأما اقتراح التبديل والتغيير ، فللطمع ولاختبار الحال . وأنه إن وجد منه تبديل ، فإما أن يهلكه الله فينجو منه ، أو لا يهلكه فيسخروا منه ، ويجعلوا التبديل حجة عليه وتصحيحاً لافترائه على الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.