غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَاتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا ٱئۡتِ بِقُرۡءَانٍ غَيۡرِ هَٰذَآ أَوۡ بَدِّلۡهُۚ قُلۡ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أُبَدِّلَهُۥ مِن تِلۡقَآيِٕ نَفۡسِيٓۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَيَّۖ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (15)

11

ثم حكى نوعاً ثالثاً من شبهاتهم فقال : { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا } أي لا يؤمنون بالمعاد لأن كل من كان مؤمناً بالنشور فإنه يرجو ثواب الله ويخاف عقابه ، وانتفاء اللازم دليل انتفاء الملزوم . طلبوا من الرسول أحد أمرين : إما الإتيان بقرآن غير هذا القرآن مع بقاء هذا القرآن على حاله ، إما تبديل هذا القرآن بنسخ بعض الآيات ووضع أخرى في مكانها . فأمره الله تعالى أن يقول في جوابهم { ما يكون لي } أي ما ينبغي وما يحل { أن أبدله من تلقاء نفسي } من قبل نفسي فنفى عن نفسه أحد القسمين الذي هو أسهل وأقل ليلزم منه نفي الأصعب الأكثر بالطريق الأولى . ثم أكد الجواب بقوله : { إن أتبع } أي ما أتبع { إلا ما يوحى إلي } إن نسخت آية تبعت النسخ وإن بدلت آية مكان آية تبعت التبديل . وقد تمسك بهذا نفاة القياس ونفاة جواز الاجتهاد . وأجيب بأن رجوعهما أيضاً إلى الوحي . ونقل عن ابن عباس أن قوله : { إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } منسوخ بقوله : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } [ الفتح : 2 ] وضعف بأن النسخ إنما يكون في الأحكام والتعبدات لا في ترتيب العقاب على المعصية . قال المفسرون : هذا الالتماس منهم يحتمل أن يكون على سبيل السخرية . فقد روى مقاتل والكلبي أنهم خمسة نفر من مشركي مكة وهم المستهزؤون في قوله : { إنا كفيناك المستهزئين } [ الحجر : 95 ] . ويحتمل أن يكون على سبيل التجربة والامتحان حتى إنه إن فعل ذلك علموا أنه كاذب ، أو أرادوا أن هذا القرآن مشتمل على ذم آلهتهم فطلبوا قرآناً آخر لا يكون كذلك .