معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

قوله تعالى : { يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله } . أي وبأن الله ، وقرأ الكسائي بكسر الألف على الاستئناف .

قوله تعالى : { لا يضيع أجر المؤمنين } .

أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تكفل الله لمن جاهد في سبيله ، لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلمته ، أن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر وغنيمة . وقال : " والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً ، اللون لون الدم والريح ريح المسك " .

أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد ابن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أنا علي بن الحسن الدارابجردي ، أنا عبد الله بن يزيد المقري ، أنا سعيد ، حدثني محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

وقوله { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ وَأَنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المؤمنين } استئناف مبين لما هم عليه من سرور يتعلق بذواتهم . بعد أن بين - سبحانه - سرورهم بحال الذين لم يلحقوا بهم .

والمعنى أن هؤلاء الشهداء يستبشرون بحال إخوانهم الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم . كما أنهم يستبشرون ايضاً لأنفسهم بسبب ما أنعم الله به عليهم من نعم جزيلة وبسبب ما تفضل به عليهم من زيادة الكرامة ، وسمو المنزلة .

وهذا يدل على أن هؤلاء الشهداء لا يهتمون بشأن أنفسهم فقط . وإنما يهتمون أيضا بأحوال إخوانهم الذين تركوهم فى الدنيا ، وفى ذلك ما فيه من صفاء نفوسهم ، وطهارة قلوبهم ، حيث أحبوا الخير لغيرهم كما أحبوه لأنفسهم ، بل إن تقديم استبشارهم بحال إخوانهم على استبشارهم بما يتعلق بأنفسهم ليشعر بأن اهتمامهم بحال إخوانهم أشد من اهتمامهم بحال أنفسهم .

ويرى بعضهم أن الضمير فى قوله { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ } يعود على الذين لم يلحقوا بهم فتكون جملة { يَسْتَبْشِرُونَ } حالا من الذين لم يلحقوا بهم . وعليه يكون المعنى : أن هؤلاء الذين لم يلحقوا بهم لا خوف عليهم ولا حزن ، فهم مستبشرون بنعمة من الله وفضل . . . " .

وقوله { وَأَنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المؤمنين } معطوف { نِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ } ، وهذا على قراءة الجمهور بفتح همزة أن على معنى وبأن .

وقرأ الكسائى " وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين " ، بكسر همزة إن على الاستئناف والمقصود من الآية الكريمة بيان أن كل مؤمن يخاف مقام ربه وينهى نفسه عن الهوى ، ويجاهد فى سبيل إعلاء كلمة الله فإن الله - تعالى - لا يضيع شيئا من أجره ، بل يعطيه من الجزاء الحسن - بفضله وإحسانه - أكثر مما يستحق .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

ثم قال : { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ } قال محمد بن إسحاق : استبشروا وسُرّوا لما عاينوا من وفاء الموعود وجزيل الثواب .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم ، سواء الشهداء وغيرهم ، وقَلَّما ذكر الله فضلا ذكر{[6181]} به الأنبياء وثوابا أعطاهم إلا ذكر ما أعطى الله المؤمنين من بعدهم .


[6181]:في جـ، ر: "ذكرته".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

ثم أكد تعالى استبشارهم بقوله : { يستبشرون بنعمة } ثم بين تعالى بقوله : { وفضل } فوقع إدخاله إياهم الجنة الذي هو فضل منه لا بعمل أحد ، وأما النعمة في الجنة والدرجات فقد أخبر أنها على قدر الأعمال ، وقرأ الكسائي وجماعة من أهل العلم : » وإن الله «- بكسر الألف من » أن « ، وقرأ باقي السبعة وجمهور العلماء : » وأن الله «- بفتح الألف ، فمن قرأ بالفتح فذلك داخل فيما يستبشر به ، المعنى ، بنعمة وبأن الله ، ومن قرأ بالكسر فهو إخبار مستأنف ، وقرأ عبد الله < وفضل والله لا يضيع > .