إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

{ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ } كُرِّر لبيان أن الاستبشارَ المذكورَ ليس بمجرد عدمِ الخوفِ والحزنِ بل به وبما يقارِنُه من نعمةٍ عظيمةٍ لا يقادَرُ قَدْرُها ، وهي ثوابُ أعمالِهم ، وقد جُوِّز أن يكون الأولُ متعلقاً بحال إخوانِهم ، وهذا بحال أنفسِهم بياناً لبعض ما أُجمل في قوله تعالى : { فَرِحِينَ بِمَا آتاهم الله مِن فَضْلِهِ } [ آل عمران ، الآية : 170 ] { مِنَ الله } متعلقٌ بمحذوف وقع صفةً لنعمةٍ مؤكدةً لما أفاده التنكيرُ من الفخامة الإضافيةِ ، أي كائنةٍ منه تعالى { وَفَضل } أي زيادةٍ عظيمةٍ كما في قوله تعالى : { للَّذِينَ أَحْسَنُوا الحسنى وَزِيَادَةٌ } [ يونس ، الآية 26 ] . { وَأَنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المؤمنين } بفتح أن ، عطفٌ على فضلٍ منتظمٌ معه في سلك المستبشَرِ به ، والمرادُ بالمؤمنين إما الشهداءُ والتعبيرُ عنهم بالمؤمنين للإيذان بسمو رُتبة الإيمانِ وكونِه مناطاً لما نالوه من السعادة ، وإما كافةُ أهلِ الإيمانِ من الشهداء وغيرِهم ذُكرت توفيةُ أجورِهم على إيمانهم وعُدَّت من جملة ما يستبشَرُ به الشهداء بحكم الأخُوَة في الدين . وقرئ بكسرها على أنه استئنافٌ معترضٌ دالٌّ على أن ذلك أجرٌ لهم على أن إيمانهم مُشعِرٌ بأن من لا إيمانَ له أعمالُه مُحبطةٌ لا أجرَ له . وفيه من الحث على الجهاد والترغيبِ في الشهادة والبعثِ على ازدياد الطاعةِ وبشرى المؤمنين بالفلاح ما لا يخفي .