الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

أكَّد سبحانه استبشارهم بقوله : { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ }[ آل عمران :171 ] ثم بيَّن سبحانه بقوله : { وَفَضْلٍ } أنَّ إدخالَهُ إياهم الجَنَّةَ هو بفَضْل مِنْه ، لا بعملِ أَحَدٍ . وأمَّا النعمة في الجَنَّة ، والدَّرجاتُ ، فقد أخبر أنَّها على قَدْر الأعمال .

قُلْتُ : وخرَّج أبو عبد اللَّهِ الحُسَيْنُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ حَرْبٍ صَاحِبُ ابن مبارَكِ في «رقائقه » ، بسنده ، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العَاصِي ، " أنَّ الشُّهداءَ فِي قِبابٍ مِنْ حَرِيرٍ فِي رِياضٍ خُضْرٍ ، عِنْدَهُمْ حُوتٌ وَثَوْرٌ ، يَظَلُّ الحُوتُ يُسَبِّحُ فِي أَنْهَارِ الجَنَّةِ ، يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ رائِحَةٍ فِي أَنْهَارِ الجَنَّةِ ، فَإذَا أمسى وَكَزَهُ الثَّوْرُ بقَرْنِهِ ، فَيُذْكِيهِ ، فَيَأْكُلُونَ لَحْمَهُ ، يَجِدُونَ فِي لَحْمِهِ طَعْمَ كُلِّ رَائِحَةٍ ، وَيَبِيتُ الثَّوْرُ فِي أَفْنَاءِ الجَنَّةِ ، فَإذَا أَصْبَحَ ، غَدَا عَلَيْهِ الحُوتُ ، فَوَكَزَهُ بِذَنَبِهِ ، فَيُذْكِيهِ ، فَيَأْكُلُونَ ، فَيَجِدُونَ فِي لَحْمِهِ طَعْمَ كُلِّ رَائِحَةٍ فِي الجَنَّةِ ، ثُمَّ يَعُودُونَ ، وَيَنْظُرُونَ إلى مَنَازِلِهِمْ مِنَ الجَنَّةِ ، وَيَدْعُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ . . . ) الحديثَ اه . مختصرًا ، وقد ذكره صاحب «التذكرة » مطوَّلاً ، وقرأ الكِسَائِيُّ : وَ( إنَّ اللَّهَ ) بكسر الهمزة ، على استئناف الأخبار ، وقرأ باقي السبعة بالفتْحِ على أنَّ ذلك داخلٌ فيما يُسْتبشر به .