فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (171)

{ يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } يبتهج الشهداء بما تفضل عليهم المولى سبحانه من رضاه ونعيمه وبما شاهدوا من منازل السلامة والكرامة التي سيحل بها أهل الإيمان- النفس تبقى لها علاقة مع بدئها لا بالتحريك واكتساب الأعمال ولكن بالتلذذ والتألم ونحوها ، وليس ببدع أن يتغير التعلق بحسب تغير الأطوار كما يتغير في مدة العمر بحسب الأسنان والأمزجة ، والتحقيق فيه أن في هذا العالم جعلت متصرفة في البدن لأجل اكتساب الأعمال والملكات وأنه يفتقر إلى تحريك الأعضاء وأعمال الجوارح والآلات ، وبعد الموت تجعل متصرفة فيه من جهة الجزاء والثواب فكيف يقاس أحدهما على الآخر ، فلعله يكفي بعد الموت أن يكون له علاقة التلذذ والتألم والإدراك فقط إلى أن تقوم القيامة الكبرى ؛ وهذا القدر لا ينافي كون البدن مشاهدا في القبر بلا تحرك ولا إحساس ولا نطق ، ويؤيده ما روي أنه صلى الله عليه وسلم وقف على قليب بدر وقال : ( يا فلان ابن فلان ويا فلان ابن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا فإني وجدت ما وعدني الله حقا ) فقال عمر : يا رسول الله كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها قال ( ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئا ) وفي حديث عذاب القبر ( إنه ليسمع قرع نعالهم )-{[1217]} .


[1217]:تفسير غرائب القرآن.