معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ} (6)

قوله تعالى : { ما آمنت قبلهم }

أي : قبل مشركي مكة ، { من قرية } أي من أهل قرية أتتهم الآيات { أهلكناها } أهلكناهم بالتكذيب ، { أفهم يؤمنون } إن جاءتهم آية ، معناه : أولئك لم يؤمنوا بالآيات لما أتتهم أفيؤمن هؤلاء .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ} (6)

ثم بين - سبحانه - جانبا من مظاهر فضله ورحمته بهؤلاء الذين ارسل إليهم رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقال : { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } .

أى : أن هؤلاء الجاهلين من قومك - أيها الرسول الكريم - قد طلبوا منك آية كونية كالتى جاء بها موسى وعيسى وصالح . . . وهذه الخوارق عندما جاء بها هؤلاء الرسل ولم يؤمن بها أقوامهم أهلكنا هؤلاء الأقوام ، وفقا لسنتنا التى لا تتخلف فى إهلاك من يكذبون بآياتنا ، ولو أنا أعطيناك هذه الخوارق ولم يؤمن بها قومك لأهلكناهم كما أهلكنا السابقين ، لذا اقتضت حكمتنا ورحمتنا أن نمنع عنهم ما طلبوه ، لأنهم بشر كالسابقين . وما دام السابقون لم يؤمنوا بهذه الخوراق فهؤلاء ايضاً لن يؤمنوا بها .

فالاستفهام فى قوله : { أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } للإنكار : أى : أن هؤلاء الكافرين من أمتك - أيها الرسول الكريم - لن يؤمنوا بهذه الخوارق التى طلبوها متى جاءتهم لأنهم لا يقلون عتوا وعنادا عن السابقين الذين لم يؤمنوا بها فأهلكهم الله .

وصدق الله إذ يقول : { إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ} (6)

أي ما آتينا قرية من القرى التي بعث فيهم الرسل آية على يدي نبيها فآمنوا بها بل كذبوا ، فأهلكناهم بذلك أفهؤلاء يؤمنون بالآيات لو رأوها دون أولئك ؟ كلا ، بل { إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم } هذا كله وقد شاهدوا من الآيات الباهرات والحجج القاطعات والدلائل البينات على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو أظهر وأجلى وأبهر وأقطع وأقهر مما شوهد مع غيره من الأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

/خ6

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ} (6)

{ ما آمنت قبلهم من قرية } من أهل قرية . { أهلكناها } باقتراح الآيات لما جاءتهم . { أفهم يؤمنون } لو جئتهم بها وهم أعتى منهم ، وفيه تنبيه على أن عدم الإتيان بالمقترح للإبقاء عليهم إذ لو أتى به ولم يؤمنوا استوجبوا عذاب الاستئصال كمن قبلهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ} (6)

استئناف ابتدائي جواباً على قولهم { كما أرسل الأولون } [ الأنبياء : 5 ] ، والمعنى : أن الأمم التي أرسل إليها الأولون ما أغنت فيهم الآيات التي جاءتهم كما وددتُم أن تكون لكم مثلها فما آمنوا ، ولذلك حق عليهم الإهلاك فشأنكم أيها المشركون كشأنهم . وهذا كقوله تعالى : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } في سورة [ الإسراء : 59 ] .

وإنما أمسك الله الآيات الخوارق عن مشركي مكة لأنه أراد استبقاءهم ليكون منهم مؤمنون وتكون ذرياتهم حملة هذا الدين في العالم ، ولو أرسلت عليهم الآيات البينة لكانت سنة الله أن يعقبها عذاب الاستئصال للذين لا يؤمنون بها .

و ( ما ) نافية . و ( من ) في قوله تعالى { من قرية } مزيدة لتأكيد النفي المستفاد من حرف ( ما ) .

ومتعلق { آمنت } محذوف دل عليه السياق ، أي ما آمنت بالآيات قرية .

وجملة { أهلكناها } صفة ل { قرية } وردت مستطردة للتعريض بالوعيد بأن المشركين أيضاً يترقبون الإهلاك .

وذُكرت القرية هنا مراداً بها أهلها ليبنى عليها الوصف بإهلاكها لأن الإهلاك أصاب أهل القرى وقراهم ، فلذلك قيل { أهلكناها } دون ( أهلكناهم ) كما في سورة [ الكهف : 59 ] { وتلك القرى أهلكناهم } وفرعت جملة { أفهم يؤمنون } على جملة { ما آمنت قبلهم من قرية } مقترنة باستفهام الإنكار ، أي فهم لا يؤمنون لو أتيناهم بآية كما اقترحوا كما لم يؤمن الذين من قبلهم الذين جعلوهم مثالاً في قولهم { كما أرسل الأولون } [ الأنبياء : 5 ] وهذا أخذ لهم بلازم قولهم .