فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ} (6)

{ ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ( 6 ) وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ( 7 ) وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ( 8 ) ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين ( 9 ) لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ( 10 ) } .

{ ما آمنت قبلهم } أي قبل مشركي مكة { من } أهل { قرية أهلكناهم } أي أهلكنا أهلها بتكذيبهم ، أو أهلكناها بإهلاك أهلها ، وفيه بيان أن سنة الله في الأمم السالفة أن المقترحين إذا أعطوا ما اقترحوه ، ثم لم يؤمنوا نزل بهم عذاب الاستئصال لا محالة ومن مزيدة للتوكيد ، والمعنى ما آمنت قرية من القرى التي أهلكناها بسبب اقتراحهم قبل هؤلاء ؛ فكيف نعطيهم ما اقترحوا وهم أسوة من قبلهم .

{ أفهم يؤمنون } الهمزة للتقريع والتوبيخ ، والمعنى إن لم تؤمن أمة من الأمم المهلكة عند إعطاء ما اقترحوا فكيف يؤمنوا هؤلاء لو أعطوا ما اقترحوا قال قتادة : قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم : إذا كان ما تقوله حقا ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا ، فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا ، وإن شئت استأنيت بقومك قال : ( بل أستأني بقومي ) ، فأنزل الله { ما آمنت قبلهم } الآية .

ثم أجاب الله سبحانه عن قولهم : { هل هذا إلا بشر مثلكم } بقوله :