تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{مَآ ءَامَنَتۡ قَبۡلَهُم مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآۖ أَفَهُمۡ يُؤۡمِنُونَ} (6)

6 - مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ .

أرسل الله رسلا وأنبياء كثيرين ، لهداية الناس ، وأنزل عليهم كتبه وصحفه ، وأيدهم بالمعجزات ، لكن قومهم كذبوا بعد هذه المعجزات ، فاستحقوا الهلاك ، وكان أهل مكة أشد نكرانا وجحودا ، ذلك أن الله أمد رسوله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ، وأيده بالقرآن ، وبعدد من المعجزات المادية الملموسة ، مثل : النصر في بدر ، ونزول الملائكة ، وشفاء المرضى على يديه ، وتكثير الطعام ، ونبع الماء في بعض الغزوات ، وعلم الله أن أهل مكة لن يؤمنوا ، إذا جاءتهم المعجزات المادية ، ولذلك قال سبحانه في هذه الآية ما معناه : أرسلنا رسلا وأيدناهم بالمعجزات ، فلم يؤمن أهلهم بذلك ، فاستحقوا الهلاك ، أفيؤمن هؤلاء الكفار برسالتك ؟

إن هذا بعيد ، وقد جاء هذا المعنى في قوله تعالى : وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا . ( الإسراء : 59 ) .

قال قتادة : قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : إذا كان ما تقوله حقا ويسرُّك أن نؤمن ؛ فحوِّل لنا الصفا ذهبا ، فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك ، ولكنه إن كان ، ثم لم يؤمنوا ؛ لم ينظروا ، وإن شئت استأنيت بقومك ، قال : بل أستأني بقومي ، فأنزل الله .

مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ