معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

قوله تعالى : { سلام قولاً من رب رحيم } أي : يقول الله لهم قولاً .

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق المؤذن ، حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى الملحمي الأصفهاني ، أنبأنا الحسن بن أبي علي الزعفراني ، أنبأنا ابن أبي الشوارب ، أنبأنا أبو عاصم العباداني ، أنبأنا الفضل الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة ، فذلك قوله : { سلام قولا من رب رحيم } فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلي شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره بركة عليهم في ديارهم " وقيل : يسلم عليهم الملائكة في ديارهم . وقيل : تلسم عليهم الملائكة من ربهم ، وقال مقاتل : تدخل الملائكة على أهل الجنة من كل باب يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من ربكم الرحيم . وقال : يعطيهم السلامة ، يقول : اسلموا السلامة الأبدية .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

ثم ختم - سبحانه - هذا العطاء الجزيل للمؤمنين بقوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } .

وللمفسرين فى إعراب قوله : { سَلاَمٌ } أقوال منها : أنه مبتدأ خبره الناصب للفظ { قَوْلاً } أى : سلا يقال لهم قولا . . .

وقد أشار صاحب الكشاف إلى بعض هذه الأقوال فقال : وقوله : { سَلاَمٌ } بدل من قوله { مَّا يَدَّعُونَ } كأنه قال لهم : سلام يقال لهم قولا من جهة رب رحيم .

والمعنى : أن الله - تعالى - يسلم عليهم بواسطة الملائكة ، أو بيغر واسطة ، مبالغة فى تكريمهم ، وذلك غاية متمناهم . .

وقد ذكر الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية بعض الأحاديث ، منها ما رواه ابن أبى حاتم - بسنده - عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينما أهل الجنة فى نعيمهم ، إذ سطع لهم نور ، فرفعوا رءوسهم فإذا الرب - تعالى - قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة . فذلك قوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } قال : فينظر إليهم وينظرون إلأيه ، فلا يلتفتون إلى شئ من النعيم ما داموا ينظرون إليه . حتى يحتجب عنهم ، ويبقى نوره وبركته عليهم وفى ديارهم " .

والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة - كما يقال الإِمام الفخر الرازى - يراها تشير إلى أن أصحاب الجنة ليسوا فى تعب ، كما تشير إلى وحدتهم وإلى حسن المكان ، وإلى إعطائهم كل ما يحتاجونه ، وإلى تلذذهم بالنعيم وإلى تلقيهم لأجمل تحية . .

هذا هو حال المؤمنين ، وهذا بعض ما يقال لهم من ألفاظ التكريم ، فماذا يقال للمجرمين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

وقوله : { سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } قال ابن جريج : قال ابن عباس في قوله : { سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } فإن الله نفسه سلام على أهل الجنة .

وهذا الذي قاله ابن عباس كقوله تعالى : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ } [ الأحزاب : 44 ]

وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا ، وفي إسناده نظر ، فإنه قال : حدثنا موسى بن يوسف ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا أبو عاصم العَبَّاداني ، حدثنا الفضل الرَّقاشيّ ، عن محمد بن المُنْكَدِر ، عن جابر بن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بينا أهل الجنة في نعيمهم ، إذ سطع لهم نور ، فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة . فذلك قوله : { سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } . قال : «فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه ، حتى يحتجب عنهم ، ويبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم » .

ورواه ابن ماجه في " كتاب السنة " من سننه{[24785]} ، عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، {[24786]} به .

وقال{[24787]} ابن جرير : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، حدثنا حَرْمَلة ، عن سليمان بن حُمَيد قال : سمعت محمد بن كعب القُرَظِي يحدّث عن عمر بن عبد العزيز قال : إذا فرغ الله من أهل الجنة والنار ، أقبل في ظُلَل من الغمام والملائكة ، قال : فيسلم على أهل الجنة ، فيردون عليه السلام - قال القرظي : وهذا في كتاب الله { سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } - فيقول : سلوني . فيقولون : ماذا نسألك أيْ ربّ ؟ قال : بلى سلوني . قالوا : نسألك - أيْ رب - رضاك . قال : رضائي أحلكم دار كرامتي . قالوا : يا رب ، فما الذي نسألك ، فوعزتك وجلالك وارتفاع مكانك ، لو قسمت علينا رزق الثقلين لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم ، لا ينقصنا ذلك شيئًا . قال : إن لديَّ مزيدًا . قال فيفعل ذلك بهم في درجهم ، حتى يستوي في مجلسه . قال : ثم تأتيهم التحف من الله ، عز وجل ، تحملها إليهم الملائكة . ثم ذكر نحوه .

وهذا أثر غريب ، أورده ابن جرير من طرق . {[24788]}


[24785]:- في ت : "رواه ابن ماجه في سننه".
[24786]:- سنن ابن ماجه برقم (184) وقال البوصيري في الزوائد (1/86) : "هذا إسناد ضعيف لضعف الفضل بن عيسى بن أبان القرشي".
[24787]:- في ت : "وروى".
[24788]:- تفسير الطبري (23/15).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

وقوله : { سلام } بدل منها أو صفة أخرى ، ويجوز أن يكون خبرها أو خبر محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر أي ولهم سلام ، وقرئ بالنصب على المصدر أو الحال أي لهم مرادهم خالصا . { قولا من رب رحيم } أي يقول الله أو يقال لهم قولا كائنا من جهته ، والمعنى أن الله يسلم عليهم بواسطة الملائكة أو بغير واسطة تعظيما لهم وذلك مطلوبهم ومتمناهم ، ويحتمل نصبه على الاختصاص .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

وقوله تعالى : { سلام } قيل : هي صفة لما أي مسلم لهم وخالص{[9800]} ، وقيل : هو ابتداء{[9801]} ، وقيل ؛ هو خبر ابتداء{[9802]} ، وقرأ ابن مسعود وأبي بن كعب وعيسى الثقفي والغنوي «سلاماً » بالنصب على المصدر ، وقرأ محمد بن كعب القرطبي «سلم » وهو بمعنى سلام ، و { قولاً } نصب على المصدر .


[9800]:قال أبو حيان في البحر:"ولا يصح إن كانت(ما) بمعنى الذي؛ لأنها تكون إذ ذاك معرفة، و(سلام) نكرة، ولا تنعت المعرفة بالنكرة، فإن كانت(ما) نكرة موصوفة جاز، إلا أنه لا يكون فيه عموم كالحها بمعنى الذي.
[9801]:والخبر فعل مقدر ناصب لقوله:(قولا)، والتقدير: سلام يقال قولا من رب رحيم، أو يكون: عليكم محذوفا، والتقدير: سلام عليكم قولا من رب رحيم.
[9802]:يرى الزمخشري أن:{سلام قولا} بدل من {ما يدعون}، كأنه قال لهم: سلام يقال لهم قولا من جهة رب رحيم، والمعنى أن الله تعالى يسلم عليهم بوساطة الملائكة أو بغير وساطة مبالغة في تعظيمهم، وذلك متمناهم، ولهم ذلك لا يمنعونه. قال أبو حيان:"وإذا كان[سلام] بدلا من{ما يدعون} كان{ما يدعون} خصوصا، والظاهر انه عموم في كل ما يدعون، وإذا كان عموما لم يكن[سلام] بدلا منه"، وقيل:[سلام] خبر لـ{ما يدعون}، و{ ما يدعون} مبتدأ، والمعنى: ولهم ما يدعون سلام خالص".