السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

ثم فسر الذي يدعونه أي : يطلبونه بغاية الاشتياق إليه واستأنف الإخبار عنه بقوله تعالى : { سلام } أي : عظيم جداً عليكم يا أهل الجنة والسلام يجمع جميع النعم ثم بين هذا السلام بما أظهر من عظمه بقوله { قولاً من رب } أي : دائم الإحسان { رحيم } أي : عظيم الإكرام بما ترضاه الإلهية كما كانوا في الدنيا يفعلون كل ما فيه الرضا فيرحمهم في حال السلام وسماع الكلام بلذّة الرؤية مع التقوية على الدهش والضعف لعظيم الأمر وبالتأهيل لهذا المقام الأكرم مع قصورهم عنه .

روى جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب عز وجل قد أشرف عليهم من فوقهم فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم » ، وقيل : تسلم عليهم الملائكة من ربهم لقوله تعالى { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ( 23 ) سلام عليكم } ( الرعد : 23 24 ) أي : يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من ربكم الرحيم وقيل : يعطيهم السلامة الأبدية .