فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

{ سَلامٌ } على معنى لهم سلام : وقيل : إن سلام هو خبر ( ما ) أي : مسلم خالص أو ذو سلامة ، وقال الزجاج . سلام بدل من ( ما ) أي : ولهم أن يسلم الله عليهم وهذا منى أهل الجنة ، والأولى أن يحمل قوله : { ولهم ما يدعون } على العموم وهذا السلام يدخل تحته دخولا أوليا ، ولا وجه لقصره على نوع خاص ، وإن كان أشرف أنواعه تحقيقا لمعنى العموم ، ورعاية لما يقتضيه النظم القرآني .

وقيل : إن سلام مبتدأ وخبره الناصب ل { قَوْلا } أي سلام يقال لهم { قَوْلا } وقيل : التقدير سلام عليكم ، وقرئ سلاما على المصدرية أو على الحالية بمعنى خالصا ، والسلام إما من التحية أو من السلامة ، وقرئ : يسلم كأنه قال : يسلم لهم لا يتنازعون فيه وانتصاب { قَوْلا } على أنه مصدر لفعل محذوف أي قال الله لهم ذلك قولا أو يقوله لهم قولا .

{ مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } أي من جهته قيل : يرسل الله سبحانه إليهم بالسلام وقال مقاتل :إن الملائكة تدخل على أهل الجنة من كل باب يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من رب رحيم .

وأخرج ابن ماجة وابن أبي الدنيا في صفة الجنة ، والبزار وابن أبي حاتم والآجري في الرؤية ، وابن مردويه عن جابر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال :السلام عليكم يا أهل الجنة ، وذلك قول الله { سلام قولا من رب رحيم } قال فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم ، ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم ) قال ابن كثير في إسناده نظر .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : إن الله هو يسلم عليهم .