فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

قال ابن الأنباري : والوقف على يدّعون وقف حسن ، ثم يبتدىء { سلام } على معنى : لهم سلام ، وقيل : إن سلام هو خبر ما ، أي مسلم خالص ، أو ذو سلامة . وقال الزجاج : سلام مرفوع على البدل من ما أي : ولهم أن يسلم الله عليهم ، وهذا مني أهل الجنة ، والأولى أن يحمل قوله : { وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } على العموم ، وهذا السلام يدخل تحته دخولاً أوّلياً ، ولا وجه لقصره على نوع خاص ، وإن كان أشرف أنواعه تحقيقاً لمعنى العموم ، ورعاية لما يقتضيه النظم القرآني . وقيل : إن سلام مرتفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي سلام يقال لهم { قَوْلاً } ، وقيل : إن سلام مبتدأ ، وخبره الناصب ل{ قولا } أي سلام يقال لهم قولاً ، وقيل : خبره من ربّ العالمين ، وقيل التقدير : سلام عليكم هذا على قراءة الجمهور ، وقرأ أبيّ ، وابن مسعود ، وعيسى " سلاما " ً بالنصب إما على المصدرية ، أو على الحالية بمعنى : خالصاً ، والسلام : إما من التحية أو من السلامة . وقرأ محمد بن كعب القرظي " سلم " كأنه قال : سلم لهم لا يتنازعون فيه ، وانتصاب { قولاً } على المصدرية بفعل محذوف على معنى : قال الله لهم ذلك قولاً ، أو يقوله لهم قولاً ، أو يقال لهم قولاً : { مّن رَّبّ رَّحِيمٍ } أي من جهته . قيل : يرسل الله سحابة إليهم بالسلام . وقال مقاتل : إن الملائكة تدخل على أهل الجنة من كل باب يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من ربّ رحيم .

/خ70