إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{سَلَٰمٞ قَوۡلٗا مِّن رَّبّٖ رَّحِيمٖ} (58)

وقوله تعالى : { سلام } على التَّقديرِ الأوَّلِ بدلٌ من ما يدَّعُون . أو خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ . وقوله تعالى { قَوْلاً } مصدرٌ مؤكِّدٌ لفعلٍ هو صفةٌ لسلامٌ وما بعده من الجارِّ متعلِّقٌ بمضمر هو صفةٌ له كأنَّه قيل ولهم سلامٌ أو ما يدَّعُون سلامٌ يُقال لهم قَولاً كائناً { مِنْ } جهةِ { ربّ رحِيمٍ } أي يُسلَّم عليهم من جهتِه تعالى بواسطة المَلَكِ أو بدونِها مبالغةً في تعظيمهم . قال ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما : والملائكةُ يدخلُون عليهم بالتَّحيةِ من ربِّ العالمين . وأمَّا على التَّقديرِ الثَّاني فقد قيل إنَّه خبرٌ لمَا يدَّعُون ولهم لبيان الجهةِ كما يُقال لزيدٍ الشَّرفُ متوفِّرٌ . على أنَّ الشَّرفَ مبتدأٌ ومتوفِّرٌ خبرُه والجارُّ والمجرورُ لبيانِ مَن له ذلك أي ما يدَّعُون سالمٌ لهم خالصٌ لا شوبَ فيه . وقولاً حينئذٍ مصدرٌ مؤكَّدٌ لمضمون الجملةِ أي عدةٌ من ربَ رحيمٍ . والأوجَهُ أنْ ينتصبَ على الاختصاصِ . وقيل هو مبتدأٌ محذوفُ الخبرِ ، أي لهم سلامٌ أي تسليمٌ قولاً من ربَ رحيمٍ . أو سلامةٌ من الآفاتِ فيكون قولاً مصدراً مؤكداً لمضمونِ الجملة كما سبقَ وقيل : تقديرُه سلامٌ عليهم فيكون حكايةً لما سيقالُ لهم من جهتِه تعالى يومئذٍ وقيل : خبرُه الفعلُ المقدَّر ناصباً لقولاً وقيل : خبرُه من ربَ رحيمٍ . وقرئ سلاماً بالنَّصبِ على الحاليَّةِ أي لهم مرادُهم سالماً خالِصاً . وقرئ سلمٌ وهو بمعنى السَّلامِ في المعنيينِ .