معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (129)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (129)

ثم ختم - سبحانه - هذا التذكير بما جرى فى غزوة بدر ببيان قدرته الشاملة ، وإرادته النافذة فقال - سبحانه - : { وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

أى لله جميع ما فى السموات وما فى الأرض ملكا وتصرفا وتدبيرا لا ينازعه فى ذلك منازع ولا يعارضه معارض ، وهو - سبحانه - يغفر لمن يشاء أن يغفر له من المؤمنين فلا يعاقبه على ذنبه فضلا منه وكرما ، ويعذب من يشاء أن يعذبه عدلا منه { والله غَفُورٌ } أى كثير المغفرة يحبها ويريدها ، { رَّحِيمٌ } أى واسع الرحمة بعباده ، لا يؤاخذهم بكل ما اكتسبوه من ذنوب بل يعفو عن كثير منها .

وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد افتتحت الحديث عن غزوة أحد باستحضار بعض أحداثها ، وبتذكير المؤمنين بما همّ به بعضهم قبل أن تبدأ المعركة ، ثم بتذكيرهم بمعركة بدر وما تم لهم فيها من نصر مؤزر منحه الله لهم مع قتلهم وضعفهم ، حتى يعرفوا أن النصر ليس بكثرة العدد والعدد وإنما النصر يأتى مع صفاء النفوس ، ونقاء القلوب ، ومضاء العزائم والطاعة التامة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وحتى لا يعودوا إلى ما حدث من بعضهم فى غزوة أحد من مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن طمع فى زينة الحياة الدنيا .

وبعد هذا التذكير الحكيم والتوجيه السديد ، وجه القرآن نداء إلى المؤمنين نهاهم فيه عن تعاطى الربا ، وأمرهم بتقوى الله وبطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وبالمسارعة إلى الأعمال الصالحة التى توصلهم إلى مغفرته ورضوانه فقال - تعالى - : { يَآ أَيُّهَا الذين آمَنُواْ . . . } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (129)

ثم قال تعالى : { وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } أي : الجميع ملك له ، وأهلهما عبيد بين يديه { يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ } أي : هو المتصرف فلا مُعَقّب لحكمه ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، والله غفور رحيم{[5668]} .


[5668]:في أ: "لا يعجزه شيء".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (129)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَللّهِ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذّبُ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ }

يعني بذلك تعالى ذكره : ليس لك يا محمد من الأمر شيء ، ولله جميع ما بين أقطار السموات والأرض من مشرق الشمس إلى مغربها دونك ودونهم ، يحكم فيهم بما شاء ، ويقضي فيهم ما أحبّ ، فيتوب على من أحبّ من خلقه العاصين أمره ونهيه ، ثم يغفر له ويعاقب من شاء منهم على جرمه ، فينتقم منه ، وهو الغفور الذي يستر ذنوب من أحبّ أن يستر عليه ذنوبه من خلقه بفضله عليهم بالعفو والصفح ، والرحيم بهم في تركه عقوبتهم عاجلاً على عظيم ما يأتون من المآثم . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } : أي يغفر الذنوب ، ويرحم العباد على ما فيهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (129)

و { ما } في قوله { ما في السماوات وما في الأرض } ، إشارة إلى جملة العالم فلذلك حسنت { ما } ، وما ذكر في هذه الآية من أن هذه الآية ناسخة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين كلام ضعيف كله ، وليس هذا من مواضع الناسخ والمنسوخ{[3515]} .


[3515]:- قال تعالى في هذه الآية [يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء]. قال المفسرون: بدأ بالغفران وأردف بالعذاب ليناسب ما تقدم من قوله: [أو يتوب عليهم أو يعذبهم]- ولم يشترط في الغفران هنا التوبة إذ يغفر سبحانه وتعالى لمن يشاء من تائب وغير تائب إلا ما استثناه تعالى من الشرك. وقوله بعد ذلك: [والله غفور رحيم] ترجيح لجهة الإحسان والإنعام والغفران.