نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (129)

ولما كان التقدير : بل الأمر له سبحانه وحده عطف عليه قوله - مبيناً لقدرته على ما قدم{[19073]} من فعله بهم على وجه أعم - : { ولله } أي الملك الأعظم وحده { ما في السماوات } أي كلها على عظمها من عاقل وغيره ، وعبر ب " ما " لأن غير العاقل أكثر وهي به أجدر { وما في الأرض } كذلك مِلكاً ومُلكاً فهو يفعل في مِلكه{[19074]} ومُلكه{[19075]} ما يشاء ، وفي{[19076]} التعبير ب " ما " أيضاً إشارة إلى أن الكفرة الذين السياق لهم في عداد ما لا يعقل .

ولما كانت الأقسام كلها{[19077]} راجعة إلى قسمين : عافية وعذاب ، قال - مترجماً{[19078]} لذلك مقرراً لقوله : { ليس لك من الأمر شيء } [ آل عمران : 128 ] : { يغفر لمن يشاء } أي منهم ومن غيرهم فيعطيه{[19079]} ما يشاء{[19080]} من{[19081]} خيري{[19082]} الدنيا والآخرة ويغنيه{[19083]} عن الربا{[19084]} وغيره { ويعذب من يشاء } بالمنع عما يريد من خيري الدارين ، {[19085]}لا اعتراض{[19086]} عليه ، فلو عذب الطائع ونعّم العاصي لحسن{[19087]} منه ذلك ، ولا يقبح منه شيء ، ولا اعتراض بوجه عليه ، هذا مدلول الآية وهو لا يقتضي أنه يفعل أو{[19088]} لا يفعل .

ولما كان صلى الله عليه وسلم لشدة غيظه{[19089]} عليهم في{[19090]} الله جديراً{[19091]} بالانتقام منهم بدعاء أو غيره أشار له{[19092]} سبحانه إلى العفو للحث{[19093]} على التخلق بأخلاق الله الذي سبقت رحمته غضبه بقوله : { والله } أي المختص بالجلال والإكرام { غفور رحيم * } أي محاء للذنوب عيناً وأثراً ، مكرم بعد ذلك بأنواع الإكرام ، فانطبق ذلك على إيضاح{[19094]} { ليس لك } [ آل عمران : 128 ] وإفهامه الموجب لاعتقاد أن يكون له سبحانه وتعالى الأمر وحده .

ولما أنزل{[19095]} عليه ذلك وما في آخر النحل مما{[19096]} للصابرين والعافين حرم المثلة واشتد نهيه صلى الله عليه وسلم عنها ، فكان لا يخطب خطبة إلا منع منها .


[19073]:في ظ: تقدم.
[19074]:سقط من ظ.
[19075]:سقط من ظ.
[19076]:زيد ما بين الحاجزين من ظ ومد.
[19077]:سقط من ظ.
[19078]:من ظ ومد، وفي الأصل: مترحما ـ كذا.
[19079]:في ظ: فعطيه ـ كذا.
[19080]:في مد: شاء.
[19081]:زيد من ظ ومد.
[19082]:في ظ ومد: خير.
[19083]:من مد، وفي الأصل وظ: بعينه.
[19084]:في ظ: الرياء.
[19085]:في ظ: الاعتراض.
[19086]:في ظ: الاعتراض.
[19087]:سقط من مد.
[19088]:في ظ "و".
[19089]:من مد، وفي الأصل وظ: غيظهم.
[19090]:من مد، وفي الأصل وظ: من.
[19091]:من ظ ومد، وفي الأصل: جدير.
[19092]:في ظ: إليه.
[19093]:في مد: يامنث ـ كذا.
[19094]:في ظ: فصاح ـ كذا.
[19095]:في ظ: أنزلت.
[19096]:من مد، وفي الأصل وظ: بما.