ثم أكد ما ذكر من قوله : { ليس لك من الأمر شيء } بقوله : { ولله ما في السماوات وما في الأرض } أي هما والحقائق والماهيات التي فيهما لله ، فليس الحكم فيهما إلا له . ثم ذكر لازم الملك والحكم فقال : { يغفر لمن يشاء } بعميم فضله وإن كان من الأبالسة والفراعنة { ويعذب من يشاء } بحكم الإلهية والقدرة وإن كان من الملائكة المقربين والصديقين . وكل ذلك يحسن منه شرعاً وعقلاً وإلا لم يحصل لكمال الملك والحكم إلا أن جانب الرحمة والمغفرة غالب ، ولهذا ختم الكلام بقوله : { والله غفور رحيم } هذا قول الأشاعرة ويؤكده ما يروى عن ابن عباس في تفسير الآية : يهب الذنب الكبير لمن يشاء ، ويعذب من يشاء على الذنب الصغير ، وأيدوا هذا النقل بدليل عقلي يشبه ما مر آنفاً ، وهو أن الإرادات كلها تستند إلى الله تعالى دفعاً للتسلسل . فإذا خلق الله إرادة الطاعة أطاع ، وإذا خلق إرادة المعصية عصى . فطاعة العبد أو معصيته تنتهي إلى الله ، وفعل الله لا يوجب على الله شيئاً . أما المعتزلة فناقشوا في ذلك ورووا عن الحسن : يغفر لمن يشاء بالتوبة ولا يشاء أن يغفر إلا للتائبين ، ويعذب من يشاء ولا يشاء أن يعذب إلا المستوجبين للعذاب . والحق أن العذاب لازم ملكة العصيان ، وكذا القرب منه تعالى لازم ملكة الطاعة . فإن أريد بالوجوب هذا فلا نزاع ، وإن أريد غير ذلك فممنوع والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.